صعود وصعود «داعش»!

الدار البيضاء اليوم  -

صعود وصعود «داعش»

عبد الرحمن الراشد


وها هي الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، أيضا تسقط بيد تنظيم داعش، بعد نحو عام فقط من سقوط الموصل، عاصمة محافظة نينوى. نحن أمام دولة سرطانية تكبر حجما وخطرا في كل من العراق وسوريا، وتهدد الجوار الأردني والسعودي، أيضًا.
انهارت الرمادي بنفس الأخطاء التي تسببت في سقوط الموصل، وشاهد العالم قطعات الجيش العراقي تفر مسرعة من المدينة، تتبعها فوضى سياسية، في العاصمة بغداد، وكل فريق يلوم الآخر. والحقيقة اللوم كله يقع على الحكومة العراقية التي عجزت عن اتخاذ قرارات حاسمة وقبلت عدم إغضاب المتطرفين.
من الكاسب والخاسر من وراء انتصار «داعش» في عاصمة المحافظة الأكبر في العراق؟
«داعش» الكاسب الأول. فهو ينمو من تنظيم إرهابي مبعثر إلى دولة، وبسيطرته على مدن رئيسية يحصل على المزيد من السلاح والرجال والمال والنفوذ. الآن، يتمدد محتلاً عشرات المدن والقرى، بما فيها عاصمتا محافظتين، ويطل على حدود ثلاث دول، واقترب بشكل أكثر من العاصمة بغداد.
والخاسر الأول هم أهالي كل محافظة الأنبار. ستزيد معاناتهم وسيتصاعد عدد المشردين، الهائمين على وجوههم في الصحراء. ووفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين العراقيين داخل بلدهم يبلغ أكثر من مليوني عراقي، معظمهم من السنة العرب، الذين يحظر عليهم اللجوء إلى بغداد وكربلاء وكردستان لأسباب طائفية وعنصرية. وفي الوقت نفسه لا يستطيعون البقاء في نفس المدن التي يحتلها مقاتلو «داعش» خوفا من الذبح، أو من تجنيد أبنائهم رغما عنهم، أو خشية أن يقتلوا نتيجة القصف الجوي أو قذائف المدفعية، كما حدث لأهالي مدينة تكريت.
الكاسب الآخر من تمدد «داعش» هو إيران؛ فقد أصبح العراق دولة فاشلة يحتاج إلى دعم الإيرانيين. وقد عرضت حكومة طهران استعدادها لإرسال المزيد من الدعم العسكري، لتعيد التجربة السورية، حتى أصبح النظام السياسي يعتمد بشكل أساسي على القوة الإيرانية، في حماية نظام الأسد. وبسبب انتصارات «داعش» يتحول العراق، الغني والاستراتيجي، مع الوقت إلى محافظة إيرانية. وليس غريبًا كيف استمرت الهزائم، فالقوى العراقية الشيعية المتطرفة، بما فيها قيادة «الحشد الشعبي»، وهي ميليشيات طائفية، ترفض مبدأ تسليح عشائر الأنبار من أجل الدفاع عن مناطقها وأهاليها ضد هجمات «داعش». وقد اضطر رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي إلى التراجع عن وعوده لعشائر الأنبار بتسليحهم، نتيجة احتجاجات القوى الطائفية. كما اضطر العبادي إلى الاعتراض على رغبة الحكومة الأميركية بتسليح العشائر السنية لمقاتلة الإرهابيين في مناطقهم، محذرًا أنه تجاوز للسيادة العراقية. وهكذا سقطت عاصمة الأنبار، وتمدد التنظيم الإرهابي ليعطي الإيرانيين مسوغات شبيهة بما فعلوه في سوريا. وزير الدفاع الإيراني كان أول الزائرين لبغداد، كما أعلن العبادي أنه «ناشد» الحشد الشعبي التقدم لتحرير الرمادي بعد فشل الجيش!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صعود وصعود «داعش» صعود وصعود «داعش»



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 17:43 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 02:39 2014 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

1460 موظفة في " ديوا " ٪76منهن مواطنات إماراتيات

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 08:07 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

توقيف طبيب عالمي شهير بسبب مواطنة مغربية

GMT 13:31 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

روما ينافس الأنتر على ضم المغربي حكيم زياش

GMT 01:15 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيللي كريم تُعلن عن أكثر ما أسعدها في عام 2017

GMT 13:17 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

جورج وسوف يستعد لإطلاق ألبومه الفني الجديد مطلع العام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca