دشتي والسعودية

الدار البيضاء اليوم  -

دشتي والسعودية

عبد الرحمن الراشد


يبدو أن السفارة السعودية في الكويت ضاقت ذرعًا من تحريض النائب البرلماني المتطرف عبد الحميد دشتي فقدمت شكوى قضائية ضده، ورفع مناصروه أصواتهم بالاحتجاج بأنه تدخل وهيمنة. وهنا، في منطقتنا، ننظر إلى الأمور بنسبية، ونحكم عليها كذلك. الفارق بين دولة مثل إيران والسعودية عند الاختلاف كبير جدًا. إيران ردت على منتقديها في بيروت بخطفهم من بيوتهم، وميليشيات حزب الله الموالية لها تتكفل بإسكات المحتجين عليها، وقد قتلت في وضح النهار أحد المتظاهرين اللبنانيين أمام باب السفارة الإيرانية. وبالتالي، فإن لجوء السفارة السعودية للقضاء عمل قانوني لما اعتبرته تهديدًا مستمرًا من تصريحات الدشتي، الذي يتهمها بأنها خطر على أمن الكويت، وأنها وراء دعم الجماعات الإرهابية، وغيرها، إضافة إلى مواقفه الطائفية.
وسواء رفع مجلس الأمة الكويتي الحصانة عن نائبه الدشتي، وسواء قدمته للمحكمة وأدانته بعد ذلك أم لا، فهذا طريق آخر، إنما الالتزام بقوانين الدولة، بدل الخطف والقتل، مسلك محترم في منطقة يحتكم فيها بعض الناس والحكومات إلى مسدساتهم. النائب دشتي يتهم بأنه يلجأ إلى التحريض السياسي والطائفي ربما للتكسب الانتخابي، في بلد مثل الكويت، بكل أسف غلب عليه في العقد الأخير التكتل القبلي والطائفي، بعد أن كان في الماضي التنافس بين المرشحين على مواقف قومية، أو إصلاحية، دستورية، أو خدمية.
بسبب الخوف من الفوضى لم يعد هناك الصبر والتحمل الذي ميز الساحة الكويتية واشتهرت به الدولة هناك، لم تعد ترضى بالنقد الجارح ولا التشهير، ولا الاحتجاجات التي تمس الأسس، بما فيها الأسرة المالكة. باختصار، الوضع في الكويت يعكس الوضع في المنطقة، متوتر ومحتقن جدا. الكويت على مرمى حجر من العراق المضطرب طائفيًا، والذي يخوض بسببها حروبًا يومية. والجماعات الإرهابية سعت لاستخدام الساحة الكويتية، بسبب حريتها الإعلامية، للترويج لتنظيمات مثل «داعش» لجمع الأموال وتجنيد الشباب، وقد اضطرت الحكومة الأميركية أيضا لتهديد القوى الناشطة الكويتية بملاحقتها. وهناك توترات في كل الدول بسبب مثل هذه اللغة والممارسة التي لا تمت بشيء للديمقراطية، وخصوصا في الكويت التي تتمتع بمساحة جيدة للتعبير الحر. وبسبب المناخ المسموم كلنا يجب أن نقف ضد الذين يحاولون تقسيم المجتمع ودفعه للاحتراب، ويكفي منطقتنا جراحها ومعاركها التي تقاد بالطائفية والفئوية.
وما يفعله بعض البرلمانيين والإعلاميين الانتهازيين، من تأليب طائفي وقبلي يهدد المجتمع الكويتي، يؤذي الدول المجاورة، مثل البحرين والسعودية وعُمان. وإذا استمر الجدال الطائفي فإن الكويت قد تجد نفسها في يوم قريب مضطرة إلى أن تضع القيود على الحياة البرلمانية أو إلغائها. في زمن الحروب والفتن تصبح مسؤولية السياسيين والمثقفين كبيرة، على الأقل عدم النفخ في النار من أجل التكسب الدعائي أو الانتخابي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دشتي والسعودية دشتي والسعودية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca