انتقادات اليمنيين لبنعمر

الدار البيضاء اليوم  -

انتقادات اليمنيين لبنعمر

عبد الرحمن الراشد

سيل الانتقادات الذي يوجه إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره، ومبعوثه الخاص، جمال بنعمر، في غير محله. ومعظم هذه الانتقادات يصدر عن فريقين؛ غاضبين من عجز الحكومة الحالية، وانقلابيين ضد بنعمر. فالغاضبون يلومون المستشار الدولي لأنه عاجز عن حماية النظام السياسي اليمني الجديد الذي شارك في بنائه، وعاجز عن تنفيذ ما تم التوقيع عليه برعاية الأمم المتحدة نفسها. ومع أنهم محقون في غضبهم إلا أن بنعمر، وخلفه منظمة الأمم المتحدة، لا يستطيع، ولا يملك القوة العسكرية على صيانة الاتفاق، أو ضمان تنفيذه. أهميته تكمن في تمثيله الأمم المتحدة، ومهاراته التفاوضية.

والحق يقال: إنه المبعوث الوحيد الذي حقق نتائج كبيرة، في وقت عجز المبعوثون الآخرون حيث القضايا الساخنة. وقد حصل اليمنيون، من خلال بنعمر، على دعم استثنائي من مجلس الأمن لم نر له مثيلا في بقية المناطق المضطربة، مثل سوريا وليبيا، وبإجماع شبه نادر في تاريخ الأمم المتحدة. وقد استصدر بنعمر، من خلال رحلاته المكوكية بين صنعاء ونيويورك، على قرارات دولية مهمة بما فيها ملاحقة قيادات الحوثيين والرئيس المعزول علي عبد الله صالح، وصارت أموالهم مجمدة، وأصبحوا ممنوعين من السفر. وهي قرارات مؤذية جعلت الرئيس المعزول صالح يستجدي الرئيس اليمني الانتقالي رفعها عنه وعن حزبه. ولولا دخول الأمم المتحدة على خط الأزمة منذ بدايتها في عام 2011 كانت الأمور قد اندلعت حربا بين القوى المتنازعة.

لا توجد نية عند الأمم المتحد، ولا الدول التي تساند الاتفاق، وكانت شاهدة على توقيعه، أن ترسل قوات لمحاربة الحوثيين أو حماية الحكومة الشرعية، فالأوضاع لا تسمح بذلك. كما أنه ليس من مصلحة اليمنيين توسيع دائرة النزاع لتأتي بقوى غربية وعربية تجتذب جماعات مسلحة معادية، وتحول اليمن إلى سوريا أو صومال جديد. لا يزال المستشار بنعمر يحاول تضييق مساحة الخلاف وتحقيق مصالحة وسط هجوم إعلامي تخريبي ضده، خاصة من فريقي الرئيس المعزول صالح والحوثيين، يتعمد تشويه سمعته.

وهدف الفريق المعادي هو دفع بنعمر للتخلي عن مهمته، وترك الساحة للمتصارعين، حيث لهم اليد الطولى. وجود بنعمر يجعل الحوثيين وصالح يمتنعون، حتى الآن، عن الاستيلاء الرسمي على الحكم. هو الأمل الأخير للبلاد.

فريق صالح عمل خلال الأشهر الماضية على اختلاق قصص وأخبار هدفها تشويه سمعة شخصيات في الحكم، وكذلك التشكيك في المستشار الدولي، وكان آخرها تلفيق تصريح نسبوه لبنعمر يقول فيه إن الحوثيين أقنعوا الوحدات العسكرية بعدم مواجهتهم، أي بالاستسلام. ومن يسمع الخبر، ويعرف الوضع جيدا، يدرك أنه خبر غير معقول، وتلته مجموعة بيانات تدعي أن بنعمر أعطى الضوء الأخضر وأنه يتعاون مع الحوثيين، وهذه جميعها من اختلاق فريق صالح. وقد اتضح أن دور صالح، الذي تعهد بتخريب الوضع في اليمن بعد إقصائه، أكبر مما كنا نقول؛ فضحه الشريط الذي أُذيع وهو يعطي توجيهاته الهاتفية لقيادات الميليشيات الحوثية في صنعاء.

فعليا، بنعمر هو من جعل صالح محاصرا في بيته، ومنعه من أرصدته المالية الضخمة في البنوك الخارجية، ووحد الموقف الدولي مع الخليجي ضد الحوثيين ومن ورائهم الإيرانيون. لكن الأزمة اليمنية معقدة، ولا يملك الرئيس هادي، ولا المستشار الدولي، قوة ردع كبيرة مسلحة ولا ضمانات محلية بالمساندة. وبالتالي الهجوم الدعائي على الاثنين هو تعبير عن الإحباط من قبل المؤيدين الغاضبين، ورغبة في التخريب من قبل المعارضين الطموحين للاستيلاء على السلطة. لا توجد وساطة دولية تنجح بالقوة فقط، بل تحتاج إلى تأييد شعبي وإعلامي وقوى اجتماعية تمنحها الحماية، وبكل أسف الذين يهاجمون الحكم الانتقالي والوسيط الدولي هم عمليا يعطون السلم لصالح والحوثيين للقفز على السلطة، وبعدها لن يكون هناك اهتمام دولي ولا خليجي، وسيدفع الثمن فقط الشعب اليمني.

كل الدول المعنية، من خليجية وغربية، حريصة على أن يكون هناك انتقال سلمي للحكم، ومن الطبيعي أن تعتور العملية مشاكل صحية مختلفة، ودون اقتناع الأطراف المختلفة، بما فيها الطامحة مثل الحوثيين، فإنه لا أحد سيربح وسيتحول اليمن إلى كابوس للجميع. كل هذه الدول المهتمة سترحل كما رحلت من الصومال، وترحل من أفغانستان، وستتجاهل اليمن كما تتجاهل مأساة سوريا لـ4 أعوام دامية، وسيترك اليمن للضباع والضياع. لهذا فأهمية بنعمر هي في أنه الأمل الوحيد، ولأنه يمثل الأمم المتحدة وقناعة الدول الكبرى بدعوته لهم بالاهتمام والتعاون في سبيل تحقيق الانتقال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتقادات اليمنيين لبنعمر انتقادات اليمنيين لبنعمر



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca