الاتفاق يقوي متشددي طهران

الدار البيضاء اليوم  -

الاتفاق يقوي متشددي طهران

عبد الرحمن الراشد


هناك وهم بأن الاتفاق الموعود مع إيران في إطار البرنامج النووي سيدفع الدولة الإيرانية إلى الاعتدال، ويشجعها على الانفتاح الاقتصادي، فالسياسي. إنما، الأرجح هو العكس تماما، سيقوي الاتفاق جناح الصقور، الذي يروج حاليا داخل إيران مفاخرًا بأن الغرب أخيرًا رضخ وتخلى عن عقوباته، وأن معظم مشروعه النووي تم إنجازه.
وخلال أشهر المفاوضات الدولية الماضية ازدادت القبضة الأمنية قسوة ضد خصوم الدولة، لتعبر عن حالة من ثقة النظام بنفسه. فانتفاضة الأكراد قبل أسبوع التي شهدتها مدينتهم مهاباد، في شمال غربي إيران، كانت ضد ممارسات الأمن، وقد اضطرت فتاة حاول العسكر اغتصابها إلى القفز من الشرفة، فثارت الأقلية الكردية التي يبلغ عددها ثمانية ملايين نسمة.
والقسوة وراء الغضب المتنامي في أطراف هذه الدولة المتعددة الإثنيات ضد المركز. وقد زاد عدد الجماعات المسلحة المعادية للنظام، إضافة إلى المعارضة الإيرانية المسلحة (مجاهدي خلق).
والمعارضة المدنية في طهران تخشى أن توقيع الاتفاق على البرنامج النووي مع الغرب سيصب في صالح المتشددين داخل النظام، بعكس ما يروج له في واشنطن. وليس سرًا الصراع داخل الدولة بين المعسكرين، المتشدد والمعتدل. والحالة الوحيدة التي مرت بها إيران تحت قيادة معتدلة، كانت في فترة الزعيم الشعبي محمد خاتمي الذي صعد لسدة الرئاسة في عام 1997 وحتى خروجه 2005، وقوبل بحرب واسعة ضد التيار كله من قبل رجال الدين. ثم جيء بعده بزعيم متطرف، محمود أحمدي نجاد، الذي قاد إيران إلى الوضع الذي نراه اليوم، المزيد من التطرف والعسكرة، حيث تخوض برغبتها حروبا في العراق وسوريا واليمن، كما ينشط الحرس الثوري على جبهات داخلية يحاول قمع الفتن، مثلما فعل في مهاباد، وإقليم بلوشستان، جنوب غربي البلاد، وزاد من وجوده في خوزستان حيث توجد الأقلية العربية المتململة. وسبق أن واجهت الحكومة مصاعب جمة في ترويض سكانها الأذريين. ولا تزال العاصمة، طهران، تتذكر الانتفاضة الكبيرة التي اندلعت بعد تزوير الانتخابات في عام 2009، وامتدت إلى فبراير (شباط) من العام التالي، وقادها إصلاحيون من داخل النظام انتهوا جميعا في الحبس.
بتوقيع الاتفاق مع الغرب سيشعر الجناح المتشدد بثقة أكبر، مدركًا أن الخطر الخارجي قد تم تحييده، ولم يعد أحد قادرا على الوقوف في وجهه. ولو أن الإدارة الأميركية كانت قد ربطت إطار الاتفاق النووي بشروط تلزم الحكومة الإيرانية على التوقف عن مغامراتها العسكرية، مقابل إنهاء حالة الحصار الدولي، والتعهد بعدم استهداف الغرب لإيران عسكريا، لربما عزز وضع المعتدلين داخل النظام الثيوقراطي هناك. بخلاف ذلك، سيمنح الاتفاق المتشددين هديتين، رفع العقوبات الاقتصادية التي ستملأ خزينتهم بالأموال التي يحتاجونها لإدارة معاركهم، والثانية سيقوي مركزهم داخل النظام نفسه ضد رجال الدين والسياسيين المعتدلين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتفاق يقوي متشددي طهران الاتفاق يقوي متشددي طهران



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca