العنف الأعمى

الدار البيضاء اليوم  -

العنف الأعمى

عبدالعالي حامي الدين

الإرهاب يضرب بقوة هذه المرة، وعاصمة الأنوار تهتز ليلة الثالث عشر من نونبر على وقع عمليات مسلحة منسقة على مستوى عال من التنظيم..والنتيجة سقوط 130 ضحية وعشرات الجرحى في ليلة حزينة بكى فيها العالم أجمع، إذ استهدف مجموعة من الأبرياء المدنيين الذين لا ذنب لهم سوى وجودهم في أمكنة عمومية نهاية الأسبوع..
لا تكفي عبارات الاستنكار والإدانة للتعبير عن مشاعر الغضب التي تنتابنا بعد هذه الجرائم، والتي تساهم في تغذية سوء الفهم الكبير بين الإسلام والغرب…
ما حدث في باريس يُسائل العالم أجمع عن هذا الغول المتوحش الذي يكبر في أحشائه ويهدد الإنسانية جمعاء، وعن الجذور الحقيقية التي يتغذى منها الإرهاب، وعن قنوات تمويله ورعايته، وعن أهدافه الحقيقية التي يجنيها من وراء مثل هذه العملية الأخيرة؟
بدون شك، أن المجموعة التي حملت الأحزمة الناسفة، وتسلحت بالكلاشينكوف، وضربت في سبعة مواقع مرة واحدة ونجح بعضها في الفرار، تقف وراءها جهات منظمة وقوية عابرة للحدود، تؤشر على تحول خطير في العقل الذي يُحرك هذه العصابات باسم الدين وباسم الجهاد..

خلال الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين: «إن تمويل داعش يتم من طرف 40 دولة من بينها دول من مجموعة العشرين، كما قدم لرؤساء قمة العشرين معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب، وعرض على المشاركين في القمة صورا للأقمار الاصطناعية عن تجارة النفط، تبين بوضوح أبعاد تجارة النفط ومشتقاته غير الشرعية، حيث تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مد البصر وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر…
في الجهة الأخرى، فإن صمت العالم على جرائم النظام السوري الذي شرد شعبا بكامله هو أكبر مشتل لصناعة الإحباط وتغذية الإرهاب والتطرف..

الإرهاب الذي ضرب الضاحية الجنوبية في بيروت وضرب العاصمة الفرنسية هو صناعة واحدة، وهو مسؤولية مشتركة لجميع القوى التي سمحت بانزلاق المنطقة إلى الفوضى بعد احتلال العراق وإجهاض أحلام الناس التي خرجت في مظاهرات سلمية للمطالبة بالديمقراطية والحريّة في كل من سوريا ومصر وغيرها من دول المنطقة، في مقابل دعم الدكتاتوريات العربية وإطلاق يدها لقمع شعوبها..

لابد للسياسيين في فرنسا وفي أوروبا أن يضعوا أيديهم على هذا الجرح العميق والبحث عن سبل علاجه، قبل اعتماد الحلول الأمنية السهلة والانزلاق إلى خطاب اليمين المتطرف، وصناعة الإسلاموفوبيا وسط المجتمعات الأوروبية..
أحر التعازي لأسر الضحايا ومتمنياتي بالشفاء العاجل للجرحى..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنف الأعمى العنف الأعمى



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca