عقبات أمام مشروع الجهوية المتقدمة

الدار البيضاء اليوم  -

عقبات أمام مشروع الجهوية المتقدمة

بقلم : عبد العالي حامي الدين

مما لا شك فيه أن دستور 2011 وضع المبادئ الأساسية للشروع في بناء نظام جهوي حقيقي في المغرب، بحيث نص الفصل الأول من الدستور على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة.
وإذا كان الباب التاسع من الدستور (من الفصل 135 إلى الفصل 146) قد حسم في العديد من المبادئ والمرتكزات، التي تم استحضار فلسفتها من طرف المُشرّع وهو يضع القوانين المؤطرة للجهوية المتقدمة، فإن جزءا من النخبة السياسية لازال متشبعا بثقافة سياسية قديمة، لا تستجيب للشروط المطلوبة لإحداث التحول الضروري لإنجاز النقلة المنتظرة من الناحية الديمقراطية والمؤسساتية بعد انتخابات 4 شتنبر، وبعد تشكيل المجالس الجهوية الجديدة.
إن التنزيل الفعلي للجهوية المنتظرة ينبغي أن ينتبه إلى عمق الاختلالات التي شكلت عائقا أمام التنمية المحلية، بغية تجاوزها وفق منهجية متدرجة في ممارسة الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة.
لقد حسم الدستور في انتخاب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر، كما نص على تسيير شؤونها بطريقة ديمقراطية، واعتبر أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن، وأناط برؤساء مجالس الجهات مسؤولية تنفيذ مداولات هذه المجالس ومقرراتها، وهي مسؤولية محورية تتطلب توفير الشروط المؤسساتية اللازمة لمؤسسة الرئيس ومكتب المجلس ليقوم كل واحد بدوره على الوجه الأكمل.
هناك حاجة إلى فتح نقاش صريح حول المستلزمات المطلوبة للنجاح في بناء النظام الجهوي اللائق بالتحول الديمقراطي الذي يصر المغاربة على إنجازه، رغم ثقل التراكمات السلبية التي تحيط بتجربة اللامركزية في المغرب.
ينبغي أن نؤكد أن ورش الجهوية المتقدمة لا يمكن أن يكتب له النجاح، إلا بإقرار علاقة جديدة مع الولاة والعمال تتجاوز بالتدريج طبيعة العلاقة التي كانت سائدة في المرحلة السابقة، نحو علاقة جديدة مبنية بالدرجة الأولى على احترام فلسفة الدستور التي أعلت من قيمة الصوت الانتخابي، وجعلت الجهة تتبوأ، تحت إشراف رئيس مجلسها، مكانة الصدارة بالنسبة إلى الجماعات الأخرى، في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية، والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، في نطاق احترام الاختصاصات الذاتية لهذه الجماعات. بينما أناطت بالولاة والعمال مهمة مساعدة رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، باعتبارهم يمثلون السلطة المركزية في الجماعات الترابية.
إن طبيعة العلاقة ينبغي أن تستند على مبدأ التعاون والتكامل والاحترام المتبادل، وكل خلاف يرجع فيه إلى القضاء أو إلى تحكيم السلطة التنفيذية.
إن التطور المؤسساتي والديمقراطي في المغرب أصبح خيارا لا رجعة فيه، وهو ما ينتظر من خلال التنزيل الفعلي لمقتضيات الجهوية المتقدمة في مجموع التراب الوطني، ومن نافلة القول التذكير بأن نجاح هذا المشروع هو الكفيل بإقناع الجميع بمقتضيات الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، باعتباره خيارا ديمقراطيا مستقبليا جديا، وليس مناورة للاستهلاك الخارجي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقبات أمام مشروع الجهوية المتقدمة عقبات أمام مشروع الجهوية المتقدمة



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca