عودة إلى موضوع النفايات

الدار البيضاء اليوم  -

عودة إلى موضوع النفايات

بقلم : عبد العالي حامي الدين

“الزمن جزء من العلاج”.. هذه الحكمة لا تنسحب على موضوع النفايات المستوردة من إيطاليا، وعلينا أن نتعاطى مع الموضوع بمنهجية دقيقة تذهب مباشرة إلى الجذور العميقة للمشكلة.
النقاش حول خطورة النفايات من عدمه هو تغليط للرأي العام، القوانين المغربية وكذا القوانين الجاري بها العمل في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى اتفاقية بازل، كلها تمنع توريد النفايات الخطرة إلى المغرب، فيصعب جدا أن تتواطأ كل السلطات المعنية من أجل إدخال نفايات خطرة للمغرب.. فلا داعي للبوليميك على هذا المستوى.
يجب أن ينحصر النقاش بشكل دقيق على السؤال التالي: هل النفايات التي تم استيرادها والتي نسلم بأنها نفايات غير خطرة، سيتم إحراقها فقط، في مصانع الإسمنت، أم سيتم إنتاج طاقة بديلة من عملية الإحراق هاته؟
تجدر الإشارة إلى أن تصدير النفايات خطرة كانت أم لا إلى خارج الاتحاد الأوروبي في اتجاه الدول الموقعة على اتفاقية بازل من أجل إعدامها Élimination ممنوع منعا باتا وفقا لقوانين الاتحاد الأوروبي.
لكن تصدير نفس النفايات من أجل تثمينها مسموح به وفقا للقوانين الأوروبية الموقعة بين الاتحاد وهذه الدول.
غير أن بعض الشركات المغربية تتحايل على قوانين الاتحاد عبر تقديم عمليات الإحراق التي هي إعدام وفقا لنص القانون على أنها تثمين.
يقوم ملحق القاعدة القانونية الملزمة للاتحاد الأوروبي لمعالجة النفايات الخطرة وغير الخطرة بالتمييز في الجزء الأول والثاني بين عملية إعدام النفايات وتثمينها:
الجزء الأول يتضمن عمليات إحراق النفايات D10، وهي العملية التي تقوم بها شركات الإسمنت في المغرب، وهي مصنفة كعملية إعدام للنفايات أي Élimination، أما الجزء الثاني فيتضمن عمليات التثمين valorisation، ومن ضمنها عمليات التثمين الطاقي، أي تحويل النفايات إلى طاقة R1*، وهو ما تحاول بعض شركات الإسمنت التدليس عليه، إذ تحاول الإيهام بأن عمليات الإحراق التي تقوم بها هي عمليات تثمين طاقي، في حين أن الإحراق الذي تقوم به لا ينتج أي طاقة، بل لا ينتج سوى غازات سامة ورماد سام دون إنتاج ولو ذرة من الطاقة.
القوانين الأوروبية تشرح بشكل دقيق الشروط الواجبة التطبيق من أجل نقل النفايات إلى الخارج، وهي نفسها الواجبة التطبيق على النفايات الإيطالية المصدرة إلى الخارج، والمغرب كبلد غير عضو في OCDE وموقع على اتفاقية بازل معني أيضا بهذه المقتضيات.
ولهذه الغاية، فإن المرسوم رقم 172-12-1 الصادر في 4 ماي 2012، يحدد المواصفات التقنية المتعلقة بالتخلص من النفايات وطرق تثمينها بالإحراق، ويتضمن هذا المرسوم مجالات التطبيق والتعاريف، كما يحدد مواصفات التهيئة والاستغلال والإجراءات المتعلقة بتدبير المخلفات وإجراءات الرصد والمراقبة الذاتية.
وفي هذا السياق نثير الانتباه إلى أن تعريف التثمين الطاقي الوارد في المادة 2 من المرسوم (الفقرة الثانية) يخالف تعريف الاتحاد الأوروبي، إذ أضيف إلى أهداف التثمين الطاقي “إنتاج مواد”، في حين أن التثمين الطاقي لا يجب أن يشمل إلا عمليات إنتاج الطاقة فقط.
و هو ما يجعل عمليات استيراد النفايات غير الخطرة من الاتحاد الأوروبي من أجل تثمينها عبر الإحراق مخالف لقوانين الاتحاد الأوروبي، وكل عمليات الاستيراد التي سمحت بها دولة عضو في هذا الإطار، ونخص بالذكر إيطاليا التي سمحت بتصدير النفايات إلى المغرب لفائدة شركة لافارج، تترتب عنها مسؤولية تلك الدولة وتجوز مقاضاتها من طرف كل متضرر أمام المحكمة الأوروبية. وهناك سوابق في الموضوع..
ما نستغرب له هو إصرار الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة على عدم نشر هذا المرسوم في الموقع الإلكتروني للوزارة (إلى حدود صباح الثلاثاء 2 غشت) مع العلم بأنه صدر منذ أربع سنوات. فهل هناك رغبة رسمية في مكان ما بخصوص عدم تسهيل اطلاع الاتحاد الأوروبي على قواعد التثمين والإعدام للنفايات المعمول بها في المغرب، والتي تبدو مخالفة لقواعد الاتحاد الأوروبي؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة إلى موضوع النفايات عودة إلى موضوع النفايات



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca