سنة تشريعية مفصلية

الدار البيضاء اليوم  -

سنة تشريعية مفصلية

عبدالعالي حامي الدين

السنة الأخيرة من الولاية التشريعية لا تحتمل هدر الزمن السياسي والتشريعي، خصوصا وأن الفصل 86 من الدستور ينص على ما يلي: «تُعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور»، وهو ما يعني أن الحكومة ملزمة بإحالة جميع مشاريع القوانين التنظيمية المتبقية إلى البرلمان خلال هذه السنة، كما أن البرلمان بغرفتيه مدعو للتفاعل السريع والجدي مع هذه المشاريع بالتعديل والاقتراح والمصادقة.

الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان تضمن رسائل عدة مؤطرة للدخول السياسي والبرلماني الجديد، فبعد التنويه بالجو الإيجابي الذي مرت فيه الانتخابات الأخيرة والتأكيد على أهمية الضمانات التي جرى توفيرها، واعتبار الانتخابات ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي غاية لبناء المؤسسات، بالنظر إلى كونها هي الضمانة الأساسية لخدمة المواطنين، فإن الرسالة الأساسية انصبت على دور البرلمان بغرفتيه خلال هذه السنة، وخاصة ما يتعلق بضرورة التوازن والتكامل بين مجلس النواب ومجلس المستشارين والعمل على تجويد المنتوج التشريعي، وضرورة الإسراع بإخراج القوانين التنظيمية المتبقية مثل: قوانين إصلاح العدالة وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والقانون التنظيمي للإضراب، وضرورة تغليب روح التوافق والتعاون والتشاور والرقي بالخطاب السياسي، وتجاوز لغة المزايدات السياسية، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع بإخراج بعض الهيئات والمؤسسات الدستورية كهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
ينبغي التأكيد في هذا السياق بأن اعتماد المقاربة التشاورية في مناقشة الكثير من مشاريع القوانين التنظيمية، قبل الانتقال إلى المسار التشريعي داخل المؤسسة البرلمانية، يعني بالضرورة استهلاك زمن سياسي معتبر، وهو ما حصل بالنسبة إلى مشاريع القوانين التنظيمية المرتبطة بإصلاح العدالة، التي جاءت محصلة حوار طويل دام أزيد من سنة بمساهمة مختلف أطراف منظومة العدالة، الأمر نفسه ينسحب على القوانين التنظيمية المتعلقة بالملتمسات التشريعية وبالعرائض. ولذلك، فإن أهمية القوانين التنظيمية المتبقية خلال السنة الأخيرة من هذه الولاية التشريعية تفترض الكثير من النضج وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، والكف عن افتعال التأخير المقصود لأعمال اللجان الدائمة للبرلمان، كما سبق أن عاشته المؤسسة البرلمانية في بعض الأحيان.

ومن جهة أخرى، فإن تحدي إحداث المؤسسات الدستورية لا يقل أهمية بخصوص القوانين التنظيمية. وفي هذا السياق، ينبغي التذكير بأن الأمر يتعلق بمؤسسات جديدة ستحدث لأول مرة في المغرب طبقا لمقتضيات الدستور الجديد، كما يهم بعض المؤسسات التي كانت موجودة وتمت دسترتها لأول مرة. ولذلك، كان لابد من إعمال المقاربة التشاركية في إعداد مشاريع القوانين المرتبطة بها قبل إحداثها، والعمل على تحيين القوانين المرتبطة بالمؤسسات الموجودة التي تمت دسترتها لأول مرة. وفي هذا الصدد لاحظنا أن بعض القطاعات الحكومية لجأت إلى تشكيل لجان علمية، وأخرى اعتمدت منهجية الحوارات المجتمعية المطولة، وهو ما تطلب زمنا سياسيا كان ضروريا، مع الإشارة إلى جاهزية بعض القوانين التنظيمية ولم يبق إلا الانتقال إلى التنفيذ، خصوصا بعد انتخاب مجلس المستشارين طبقا لمقتضيات دستور 2011 الذي يعتبر طرفا مهما في تشكيل بعض المؤسسات، كما هو الحال بالنسبة إلى المحكمة الدستورية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنة تشريعية مفصلية سنة تشريعية مفصلية



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca