تمارين تحكمية

الدار البيضاء اليوم  -

تمارين تحكمية

عبد العالي حامي الدين

عندما يحذر الأستاذ عبد الإله بنكيران المغاربة من التحكم، فإنه يدرك جيدا حجم المخاطر التي تهدد المؤسسات من جراء عقلية الهيمنة والإقصاء التي يستبطنها منطق التحكم في البلاد، وسعيه الحثيث إلى ضرب مصداقية المؤسسات والاستهتار بأصوات المواطنين.

ما حصل في جماعة الرباط هو تمرين تطبيقي لفهم منطق التحكم وأسلوبه في الاشتغال، فخلف الفيديوهات التي توثق أعمال العنف والبلطجة، هناك عقل يفكر ويخطط، وجهات داعمة بكل وسائل المكر والخداع.

يوم الجمعة المنصرم، قام مستشارون ينتمون إلى حزب الأصالة والمعاصرة، خلال الجلسة الثالثة للدورة، بالاعتداء المادي على كاتب المجلس أثناء قيامه بمهامه، وتكسير المنصة الرئيسية لقاعة الاجتماعات وإتلاف ممتلكات جماعية. ولم يتورع هؤلاء السادة في التهجم على رئيس المجلس وتهديد سلامته البدنية وعرقلة أشغال المجلس، هذه الأحداث دفعت الأغلبية الممثلة في أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، بالإضافة إلى مستشاري المعارضة من فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى إدانتها لأحداث الشغب، وإتلاف ممتلكات المجلس التي كان وراءها مستشارون من الأصالة والمعاصرة.

العقل المخطط لأعمال البلطجة التي شهدها مجلس جماعة الرباط يريد أن يُعطل مشاريع النهوض بالمدينة بخلفيتين: أولا، عقاب سكان العاصمة على تصويتهم المكثف على لوائح العدالة والتنمية. وثانيا، عرقلة عمل المجلس والحيلولة دون تنزيل الأوراش المهمة التي يباشرها المكتب المسير وتلبية الحاجيات الملحة للساكنة، ومواكبة المشروع الكبير «الرباط مدينة الأنوار»..

لا خيار أمام جبهة الإصلاح إلا التصدي لهذا المنطق بالعمل المتواصل والقرب من الساكنة، كما أن السلطات المحلية مطالبة بالحزم وتطبيق القانون، حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث التي لم يسبق أن عاشها مجلس جماعة الرباط.

نموذج تطبيقي آخر لمنطق التحكم، وهذه المرة من مجلس المستشارين الذي نظم خلال نهاية الأسبوع المنصرم المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية تخليدا لليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وهي مبادرة نوعية في جوهرها تفاعلت معها معظم الفرق والمجموعات البرلمانية بشكل إيجابي في البداية، رغم أنها اتخذت بقرار انفرادي للرئيس، ولم يتم إشراك هياكل المجلس من مكتب ولجان وفرق برلمانية في عملية التنظيم، غير أنها تحولت إلى ما يشبه ملتقى للأصالة والمعاصرة، نظرا إلى الحضور الكبير لمحسوبين على حزب «البام» بالمنتدى من مختلف مناطق المغرب. كما تم تهميش جميع مكونات المجلس، إذ لم تتم استشارتهم فيما يتعلق بالوثيقة المرجعية حول العدالة الاجتماعية وما سُميّ بنداء الرباط، وهما وثيقتان لم تخضعا لأي شكل من أشكال التنسيق والتشاور، حيث تفاجأت الفرق البرلمانية بتوزيعهما على الأعضاء المشاركين خلال جلسات المنتدى، وهو ما دفع بعدد من الفرق البرلمانية الوازنة إلى الامتناع عن التدخل في الحصة المخصصة لتدخلات الفرق.

إن ما حصل يعبر عن أسلوب غير مقبول في عمل مؤسساتي يحترم نفسه، ويؤكد المنحى التحكمي الذي مافتئنا نحذر منه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمارين تحكمية تمارين تحكمية



GMT 12:34 2018 الأحد ,11 شباط / فبراير

الحكومة فين والشعب فين

GMT 23:46 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

طاجين أبريل احترق أو يكاد

GMT 05:51 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

العثماني ولعبة «Rodéo»

GMT 06:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا ثورة الجياع

GMT 05:55 2017 الخميس ,03 آب / أغسطس

محظيات لا أحزاب

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca