هل سيَحضُر الرئيس السيسي قمّة المُصالحة الخليجيّة في الرياض الأُسبوع المُقبل؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل سيَحضُر الرئيس السيسي قمّة المُصالحة الخليجيّة في الرياض الأُسبوع المُقبل

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

تتّجه الأنظار العربيّة والخليجيّة هذه الأيّام إلى الرياض التي من المُقرّر أن تستضيف القمّة الخليجيّة الواحدة والأربعين يوم الثلاثاء المُقبل، وقد تشهد التوصّل إلى اتّفاقٍ يُنهِي الخِلاف بين دولة قطر والدّول الأربع المُقاطِعة لها، ولكن لا يُوجد أيّ دليل ملموس، حتّى الآن، يدعم أجواء التّفاؤل الحَذِر بإمكانيّة الوصول إلى هذا الاتّفاق المأمول، الذي يُمكن أن يُنهي الأزَمة، أو مُعظمها، ويُؤرّخ لبدايةِ صفحةٍ جديدةٍ عُنوانها التّعاون، وفتح الأجواء والحُدود، وإنهاء المُقاطَعة وعودة العُلاقات إلى مرحلة ما قبل الأزَمة.

هُناك تطوّران رئيسيّان على صعيد هذا المِلف يُمكِن أن يَعكِسا المِزاج الخليجيّ والإقليميّ العام تُجاه هذه القمّة والآمال المُعلّقة عليها إيجابًا أو سلبًا:

الأوّل: تسريبات إخباريّة تقول بأنّ الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي تلقّى دعوةً رسميّةً من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لحُضور هذه القمّة، والمُشاركة في جلساتها المُغلَقة التي ستشهد مُناقشة الخِلاف، وتنقية الأجواء المُفتَرض بين قطر وخُصومها الأربعة، وصياغة الاتّفاق ونِقاطه الرئيسيّة إذا سارت الأُمور في الاتّجاه المَأمول.

الثاني: غِياب وزير الخارجيّة القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن الاجتِماع التّحضيري للقمّة الذي انعقد افتراضيًّا الأحد الماضي في المنامة، وتمثيل قطر بالسيّد سلطان المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجيّة، ورأى العديد من المُراقبين في تخفيض التّمثيل القطري علامةً على استِمرار وجود خِلافات عميقة قد تحول دُونَ التوصّل إلى اتّفاق.

إذا كانت مُشاركة الشيخ تميم بن حمد أمير قطر في قمّة الرياض مُؤشِّرًا رئيسيًّا على زيادة فُرص التوصّل إلى اتّفاق، فإنّ حُضور الرئيسالسيسي يعني أنّ هذا الاتّفاق سيكون شامِلًا، وليس ثُنائيًّا، يقتصر على قطر والسعوديّة فقط، ولا يشمل بالتّالي الضّلعين الآخَرين في الخِلاف، أيّ مِصر ودولة الإمارات العربيّة المتحدة.

لم يَصدُر حتّى الآن أيّ تأكيد من قِبَل السّلطات المِصريّة لحُضور الرئيس السيسي لهذه القمّة، أو عدمه، وتجاهلت وسائل الإعلام المِصريّة الأنباء التي نقلتها بعض وكالات الأنباء العالميّة (وكالة الصّحافة الألمانيّة تحديدًا)، واستبعدت مصادر مِصريّة هذه المُشاركة، لأنّ القِيادة المِصريّة، حسب رأيها، لم تَعُد مَعنيّةً بهذا الخِلاف مثلما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات، وباتت تُركّز اهتِمامها على المِلف اللّيبي في الغرب، والإثيوبي في الجنوب، وشرق المتوسّط في الشّمال حيث نسجت شبكة تحالفات قويّة مع كُل من فرنسا واليونان وقبرص علاوةً على روسيا، وقال لنا مصدر مِصري عالي المُستوى “بصراحةٍ مِصر تعبت من هذه الخِلافات الخليجيّة عديمة الأهميّة، وأصبحت تتبنّى سِياسةً أكثر براغماتيّةً تضع مصلحة مِصر فوق كُلّ اعتبار، وهذا ما يُفَسِّر إرسالها وفدًا برئاسة وزير الخارجيّة سامح شكري إلى طرابلس الليبيّة، وإعلانها إعادة فتح سِفارتها فيها، وقبلها زيارة الرئيس السيسي لباريس”.

أوساط مِصريّة أُخرى تحدّثنا معها ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، وقالت إنّ هُناك حالة من الفُتور في العُلاقات بين كُل من مِصر ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، وبين مِصر والمملكة العربيّة السعوديّة هذه الأيّام، ولكنّه فُتورٌ غير مُعلن، وهُناك مُؤشّرات تُؤكِّده، فعلى الصّعيد المِصري الإماراتي لُوحِظ أنّ دولة الإمارات دعمت آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا في الحرب الأخيرة في إقليم تيغراي، بينما دعمت مِصر الطّرف المُتمرّد بطريقةٍ قويّةٍ وغير مُعلَنة، مُضافًا إلى ذلك أن الدولة المِصريّة العميقة، والمؤسّسة العسكريّة عُمومًا لم تَكُن مُرتاحةً للتغوّل الإماراتي في العُلاقات مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي بعد اتّفاق التطبيع، كما أنّ الانفِراج المُتزايِد في العُلاقات المِصريّة مع حُكومة الوِفاق الليبيّة جاء مُعاكِسًا للسّياسة الإماراتيّة في ليبيا، وكشَفت الأوساط نفسها أنّ زيارة الشيخ محمد بن زايد للقاهرة الأسبوع الماضي كانت لتطويق الخِلاف ورأبِ الصّدع.

الأهم من ذلك أنّ الدولة المِصريّة لم تَعُد تَشعُر بالخطر نفسه الذي تُشكّله حركة الإخوان المسلمين، ودولةقطر الدّاعمة لها، وطالما أنّ الأخيرة، أيّ قطر، لا تُمَوِّل أيّ تحرّكات للحركة داخِل مِصر، فإنّ العداء تراجعت حدّته، مُضافًا إلى ذلك أنّ قطر لم تُصَعِّد وتَطرُد عشَرات الآلاف من المِصريين العامِلين فيها، ولُوحِظ أنّ وسائل الإعلام المِصريّة التي تتحرّك بأمر السّلطة، لم تَعُد تُوجِّه أيّ هجمات إلى قطر هذه الأيّام، والشّيء نفسه يُقال عن محطّة “الجزيرة” وأخواتها في الاتّجاه المُقابل، وعلمنا أنّ تعليمات مُشدَّدة صدرت من السّلطة إلى وسائل الإعلام المِصريّة بعدم ذِكر اسم تركيا حليف قطر “خيرًا أو شرًّا” في الأسابيع الأخيرة.

لا نَعرِف ما الذي ستَحمِله تطوّرات الأيّام القليلة المُقبلة قبل انعِقاد قمّة الرياض من مُفاجآت، فهُناك تسريبات تقولإنّ الملك السعودي وجّه دعوات إلى شخصيّات أمريكيّة لحُضور هذه القمّة، ربّما يكون على رأسِها جاريد كوشنر، مُستشار الرئيس الأمريكي وصِهره عرّاب هذه المُصالحة الذي قام بزيارةٍ “غامضةٍ” إلى كُل من السعوديّة وقطر قبل أُسبوعين، وحرصت مصادر مُقرّبة منه على التّأكيد بأنّ فتح الأجواء والحُدود البريّة بين السعوديّة وقطر قبل أسبوعين سيكون من أبرز أولويّات أيّ اتّفاق للمُصالحة بين البلدين، ومن غير المُستَبعد أيضًا أن يكون مايك بومبيو وزير الخارجيّة الذي اتّصل هاتفيًّا مساء أمس الاثنين بالأمير القطري من الضّيوف الكِبار أيضًا.

اللّافت أنّ دار “الجزيرة” ما زالت على حالها، فيما يتعلّق بمُواصلة الهجوم، على دولة الإمارات والشيخ محمد بن زايد تحديدًا، وبالوتيرة السّابقة نفسها، والشّيء الوحيد الذي تغيّر هو تخفيف الانتِقادات للأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، واتّخاذ موقف “مغمغم” من خطوة التّطبيع المغربيّة الإسرائيليّة الأخيرة على عكس نظيراتها الإماراتيّة والبحرينيّة، والتّركيز ليل نهار على الانتِخابات الأمريكيّة وما بعدها من تطوّرات، رُغم مُرور ما يَقرُب الشّهرين على عقدها.

لا نستطيع أن نجزم بصحّة الأنباء أو التكهّنات المُتعلّقة بالقمّة والمُصالحة الخليجيّة التي ستكون عمودها الفقري، ليس بسبب قلّة المعلومات، وتعقيدات الأزَمة وتباين وجهات النّظر، وإنّما أيضًا بسبب الإرادات الخارجيّة وتداخلاتها فيها، فالقرار ليس خليجيًّا صِرفًا، وأمريكا التي تملك قواعد جويّة وحامِلات طائرات وقاذفات عملاقة، وغوّاصات في المِنطقة، ومُعظم دُولها لها كلمة رئيسيّة حاسمة في هذا المِلَف، وما نستطيع أن نقوله إنّ هذه القمّة والنّتائج التي يُمكِن أن تتمخّض عنها، ومُستوى الحُضور الخليجي وغير الخليجي فيها، ستكون مُؤشِّرًا لمُستَقبل المِنطقة سِلمًا أو حربًا، وما علينا إلا الانتِظار، ومن المُؤكّد أنّ لنا عودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيَحضُر الرئيس السيسي قمّة المُصالحة الخليجيّة في الرياض الأُسبوع المُقبل هل سيَحضُر الرئيس السيسي قمّة المُصالحة الخليجيّة في الرياض الأُسبوع المُقبل



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca