ثلاثة ملايين برميل من النفط تتدفّق إلى الموانئ السوريّة كسرًا للحِصار

الدار البيضاء اليوم  -

ثلاثة ملايين برميل من النفط تتدفّق إلى الموانئ السوريّة كسرًا للحِصار

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

يُمكن القول، ودون أدنى تردّد، أنّ الأسبوع الحالي الذي يلفظ أنفاسه، كان أُسبوعًا سُوريًّا بامتياز، حيث بدأ باعترافٍ أمريكيٍّ رسميٍّ بإرسال مبعوثين إلى دِمشق لفتح قنوات للحِوار تحت غِطاء الإفراج عن ستّة مُعتقلين أمريكيين، وتلا ذلك استِئناف رحَلات الطيران السوري إلى كُل من قطر والإمارات، وأخيرًا وصول أكثر من ثلاثة ملايين برميل من المشتقّات النفطيّة، وخاصّةً البنزين، على ظهرِ سُفنٍ حطّت الرّحال في ميناء بانياس شِمالًا في كسرٍ للحظر الأمريكيّ الأوروبيّ، وقانون قيصر.

القادمون من العاصمة السوريّة يتحدّثون بإسهابٍ عن أمرين أساسيين يَعكِسان حجم مُعاناة الشعب السوري المُتفاقمة تحت الحِصار: الأوّل: فيروس كورونا المُنتشر في ظِل غِياب الدواء والعناية الطبيّة نظرًا للعُقوق العربي، والتّآمر الأمريكي الغربي، والثّاني: طُول طابور السيّارات الذي يَصِل إلى بِضع كيلومترات، فيبعض الحالات أمام محطّات الوقود، بسبب نقص الإمدادات.

***
من المُؤلم، والمُؤسف، أن يُعاني الشعب السوري من هذه المِحنَة، والكثير من المِحَن غيرها، والعرب يُعتَبرون من أغنى دول العالم ماليًّا واحتياطًا وتصديرًا وإنتاجًا للنفط، حتى جيران سورية من العرب، باستِثناء لبنان، يُديرون وجوههم للنّاحية الأُخرى، للدّولة والشّعب، الذي قدّم آلاف الشّهداء في أربعِ حُروبٍ دِفاعًا عنهم وكرامتهم.
العرب مُنشغلون هذه الأيّام بالتّطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومُشاركون بشكلٍ فاعلٍ في الحِصار على سورية، مثلما انشَغلوا طِوال السّنوات العشر الماضية في مخطّط تدميرها، وتفتيت وِحدتها الترابيّة، ولم يَجِد السوريّون الصّامدون غير إيران تَقِف معهم، وتُدافع عن دولتهم وتَكسِر الحِصار المفروض عليهم، وهي التي تخضع لحِصارٍ أكثر قسوةً مُنذ 40 عامًا، وبعد ذلك يتساءل بعض المُغرضين المُتواطئين: لماذا تتحالف سورية مع إيران، وتَرفُض عشَرات المِليارات مُقابل الابتِعاد عنها؟

أن يُرسِل الرئيس ترامب مبعوثين اثنين من أهم مُساعديه إلى دِمشق سرًّا، وقبلها يُرسل رسالةً خطيّةً إلى نظيره السوري بشار الأسد عارضًا الصّفقات، وتخفيف الحِصار، مُقابل الإفراج عن المُعتقلين في السّجون السوريّة بتُهمٍ عديدةٍ من بينها التجسّس، ليتباهى بهم أمام ناخبيه، وتحسين فُرصه في الفوز، فهذا يعني أنّه هو المأزوم، وهو الذي يتنازل، ويُجبَر على الاعتراف بشرعيّة، وانتِصار خصمه، الذي جيّش أكثر من 70 دولة، ورصد أكثر من 90 مِليارًا من أموال النّاخب الأمريكي لإسقاطه، ناهِيك عن مِئات مِليارات أُخرى من أتباعه العرب.

المُؤامرة الأمريكيّة على الشّعوب العربيّة التي أكّدت تفاصيلها مضامين الرّسائل الإلكترونيّة الخاصّة بالسيّدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة السّابقة، هُزِمَت بفضل صُمود الجيش العربي السوري، وتضحيات الأصدقاء ووفائهم وعلى رأسهم إيران وروسيا و”حزب الله” في لبنان.
***

المبعوثان الأمريكيّان، ومثلما جاء على لسان مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي عادا بخُفّي حُنين، ودون الإفراح عن مُعتقلٍ أمريكيٍّ واحدٍ لأنّ المُفاوض السوري، اللواء علي المملوك الذي جرت المُفاوضات في مكتبه، قال لهما حازمًا لا مُفاوضات ولا إفراج، إلا بعد انسِحاب جميع القوّات الأمريكيّة المُحتلّة من الأراضي السوريّة في شِمال وشَرق البِلاد حيثُ آبار النّفط والغاز.
نعم تعيش أمّتنا ظُروفًا صعبةً هذه الأيّام بسبب التغوّل الأمريكي، والتّهافت العربيّ المُخجِل والمُهين للتّطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكنّها تظَل مرحلةً عابرةً، في زمانٍ عابرٍ، سينتهي مهما طال الزّمن، ولنا في الصّمود السوري، الرّسمي والشّعبي، أنصع الأمثلة في هذا المِضمار، ومن يضحك أخيرًا يضحك كثيرًا.. والأيّام بيننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة ملايين برميل من النفط تتدفّق إلى الموانئ السوريّة كسرًا للحِصار ثلاثة ملايين برميل من النفط تتدفّق إلى الموانئ السوريّة كسرًا للحِصار



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:56 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:15 2020 السبت ,16 أيار / مايو

بريشة : هارون

GMT 22:06 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية التعامل مع الضرب والعض عند الطفل؟

GMT 00:54 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم"يكشف تفاصيل أزمة محمد رشاد ومي حلمي كاملة

GMT 20:23 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 22:59 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت تزيين الطاولة للمزيد لتلبية رغبات ضيوفك

GMT 16:49 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

العراق يستلم من إيطاليا تمثال "الثور المجنح" بعد ترميمه رسميًا

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 02:07 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

كواليس عودة " عالم سمسم" على الشاشة في رمضان

GMT 06:59 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة ندا موسى تكشف عن كواليس "ياباني أصلي"

GMT 03:39 2016 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مصور بريطاني يكشف مأساة النسور بكاميرته
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca