مسيّرات إيران والحوار معها

الدار البيضاء اليوم  -

مسيّرات إيران والحوار معها

سوسن الشاعر
بقلم : سوسن الشاعر

من يتعاطى مع النظام الإيراني باحثاً عن طرف عقلاني قابل للتحاور، فسيصاب بخيبة أمل، فهذا نظام يتحرك، ومرجعيته مختلفة، والحوار معه مقطوع.
فرغم خط التشاور الذي دشنته المملكة العربية السعودية، ومن بعدها دشنت الإمارات خطها للتحاور مع إيران بزيارة الشيخ طحنون بن زايد، الذي قابل جل المسؤولين الإيرانيين، بما فيهم الرئيس، ووجه لهم دعوة لزيارة أبوظبي لاستكمال الحوار، إلا أن إيران التي ضايقها الانفتاح الإماراتي على العراق واليمن، اختارت أن ترسل رسالتها للإمارات عبر طائرتها المسيّرة، وتقتل ثلاثة مدنيين، كي تقول للإمارات لا تتدخلوا في العراق، فالعراق مِلكي، ولا تتدخلوا في اليمن فهو تبعي، لأن هذه هي إيران باختصار.
النظام الإيراني نظام ثيوقراطي لديه مشروع توسعي استقاه من تطويع الدين والآيات، فهو يرى أن من حقه الوصول للبحر المتوسط والبحر الأحمر من منطلقات غيبية، ويؤمن أن هذا الخط الممتد من طهران حتى باب المندب وميناء الحديدة حق مشروع له بحكم رباني، والخط الممتد من طهران حتى مضيق هرمز، وكذلك الخط الممتد من طهران حتى ميناءي بيروت وطرطوس في سوريا هو حق مشروع له من أجل نفطه وغازه، والتخادم مع الصين وأوروبا وتصنيع السلاح النووي... كلها أدوات لخدمة هذا المشروع الذي يوجد ليس في ذهنية الملالي فحسب، بل نص عليه دستورهم تحت باب «تصدير الثورة»، ومنه تنطلق كل أدواته من تمويل وتدريب وتأسيس ميليشيات مسلحة تعمل تحت قيادة حرسها الثوري الذي يأتمر بأمر مرشدها الأعلى.
حين التعاطي مع هذا النظام علينا أن نضع كل الملفات تحت هذه المظلة، وسنفهم السياسة الخارجية الإيرانية.
ملفها النووي يندرج تحت هذا العنوان؛ يستخدم أداةً للتفاوض من أجل تثبيت مواضع القدم الإيرانية الممتدة إلى تلك النقاط، لا من أجل السلاح النووي بحد ذاته، بل يطلب من أوروبا ومن الولايات المتحدة غض الطرف عن ذلك المشروع الذي يبدو أنه اقترب من انتهائه ويكتمل باحتلال أربع عواصم عربية تقع على خط سيره، مقابل تخفيض نسبة اليورانيوم والسماح للمفتشين، وسواء جلس أو ماطل في الجلوس على طاولة المفاوضات، أو جلس مرة وتأخر مرات، فإن الهدف الأساسي والرئيسي هو بقاء هذا الخط تحت السيطرة الإيرانية عبر ميليشياته وصواريخه، وأي معترض أو عائق لهذا المشروع سيرد عليه بالصواريخ والأسلحة وكتائب العملاء.
ملف الحوار الخليجي الإيراني وأمن المنطقة هو أيضاً مجرد أداة مماطلة إلى أن يكتمل الخط ويؤمن للبحر الأحمر والأبيض.
الملف العراقي، الملف اليمني، الملف اللبناني، الملف السوري، كلها ملفات مسخّرة لهذا الخط والامتداد، وأي مساس بأي منها هو مساس بالمشروع الأساسي الذي من أجله تأخرت حتى رفاهية الشعب الإيراني وحقوقه ومستوى معيشته.
أي جهة تدخل مع النظام الإيراني في محاولة للبحث عن اعتدال أو عقلانية أو إيجاد ملامح لاستحقاقات دولة تحترم القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، فهي محاولة فاشلة، والدليل أنه طوال الأربعين عاماً الماضية أو أكثر فشلت كل المحاولات مع كل الأطراف باختلاف الرؤساء، فالمرشد الخميني ومن بعده خامنئي ومنظومتهما السياسية والعسكرية لا يعترفون بأي من تلك الإنجازات الحضارية من عقود ومواثيق واتفاقيات، ولا يقبلون أن يسمحوا أن تكون عائقاً يحول بينهم وبين مشروعهم.
إنهم هم يصدرون فرق الاغتيالات والسلاح والمخدرات، وأي وسيلة كانت، بغض النظر عن شرعيتها إلى أي بقعة في العالم، ويجدون من المبررات ما يسعفهم لاستكمال مشروعهم.
مقدرات العواصم العربية التي احتلتها وحياة الشعوب في تلك العواصم كلها مسخّرة لخدمة المشروع الإيراني، فلا العراقيون لهم الحق في السيادة وحفظ الأمن والتصدي لفوضى السلاح والميليشيات، ولا اللبنانيون لهم الحق في منع كل أنواع المخدرات والمتفجرات من أن تمر عبر أراضيهم، وليس لهم الحق على الاعتراض على الفساد والخراب اللذين جلبت لهم الميليشيات الإيرانية، أما عن الشعب اليمني فحدث ولا حرج.
إيران لا تعترف إلا بمشروعها وما يخدم مشروعها، حتى الاتفاقية الصينية الإيرانية بالنسبة لهذا النظام هي مجرد أداة تحييد للصين وتخادم فيما بينهما من أجل قبول الصين للمشروع الإيراني وامتداداته، والصين بالمقابل غير معنية بأمن هذه المنطقة أو سلامتها أو استقرارها ما دام هناك من يتولى تمهيد طريقها الحريري، دونما اعتبار للجهة التي ستتحمل هذا الدور، فإن كانت إيران فليكن، بتبادل منافع لإدارة الموانئ الإيرانية، بما فيها موانئ الدول التي تحتلها إيران قسراً وبالسلاح.
كل محاولات البحث عن صوت معتدل أو عقلاني ضمن هذا النظام، سواء كانت تلك المحاولات دولية أو عربية أو حتى خليجية، يأخذ منها النظام فسحة من الوقت لاستكمال مشروعه، ويستفيد منها من دون أن تثنيه. متى سنفهم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيّرات إيران والحوار معها مسيّرات إيران والحوار معها



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca