بقلم : مشعل السديري
ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية هي أقدم من يجلس على كرسي الحكم في العالم منذ (70) عاماً، وقد عرف عنها الحكمة واللباقة والشجاعة وكذلك الأناقة، ولا تخرج إلاّ وحقيبتها في يدها، ومثلما ذكرت السكرتيرة: فالحقيبة لا يوجد بها سوى أحمر شفاه، وأقراص نعناع، وتليفون لتكلم به أبناءها وأحفادها وأبناء أحفادها، وكذلك خمسة جنيهات للتبرع بها يوم الأحد للكنيسة، وهي عكس المستشارة الألمانية الديناميكية السابقة (ميركل) التي لم أشاهد لها صورة واحدة وهي تحمل حقيبة.
أما أخطر الاختراقات التي حصلت في حياة الملكة فكانت عام (1982)، وذلك عندما تسلق رجل يدعى مايكل فاجان جدار القصر، وأخذ يتجول فيه، ولم يرده غير غرفة الملكة، التي فتح بابها ودخل على الملكة وهي نائمة بأمان الله.
وفتحت عينيها عليه وهو واقف أمام سريرها يبحلق فيها، فتعاملت معه بحكمة، حيث تبادلت معه الحديث بكياسة ورباطة جأش، في الوقت الذي ضربت فيه الجرس وحضر بعض الخدم، والحمد لله أن الأمور سارت بشكل طبيعي من دون أي ضجيج، وفي هذه الأثناء كان الدوق (فيليب) زوج الملكة الراحل في الغرفة الأخرى يغط في سبات عميق.
وعلقت زوجة حارس كان يعمل في قصر بكنغهام، عندما قالت: فيما كان زوجي يغادر البيت إلى عمله، طمأنني إلى أن المسدس الذي يحمله خالياً من الرصاص، فسألته: ولكن ماذا تفعلون إذا رأيتم شخصاً يتصرف بشكل يثير الشك؟ فأجاب بثقة: (مثلما يفعل أي شخص: نستدعي شرطياً)، وبعدها سمحوا للحراس أن تكون مسدساتهم مشحوّنة بالرصاص.
وقبل وقت قريب طار الكرى من عين الملكة، وقررت أن تتمشى في حديقة القصر، وإذا بالحارس يلمح شخصاً كان يسير وسط الأنوار الخافتة حوالي الساعة الثالثة قبيل الفجر، معتقداً أن ذلك المتجول تسلل لساحة القصر الداخلية، ولم يكن الظل الضارب في الأرض إلا للملكة المبجلة نفسها وليس لشخص آخر كما اعتقد الحارس، من دون ان يعلم أن الملكة خرجت لتستنشق الهواء الطلق في ذلك الوقت المتأخر جداً.
واعترف الحارس على الفور للملكة بأنه كان على وشك أن يصوب سلاحه في لحظة ما، لولا أن انتبه سريعاً إلى أنها هي، وردت عليه وهي تضحك بروح رياضية قائلة: في المرة القادمة سوف أضرب أجراس الإنذار قبل مغادرتي السرير، لكي لا تقتلني، ثم عقبت قائلة: لكن ما كنت ستفعله يا ابني هو التصرف الصحيح تماماً - وأنا الملومة.
فضرب لها الحارس تحية (تعظيم سلام) وهو يتنهد.