أصوات العرب: مصطفى سعيد

الدار البيضاء اليوم  -

أصوات العرب مصطفى سعيد

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

كان الراديو مفترقاً مهماً لفئتين من الفنانين والأدباء على الأقل: الكتّاب والمطربين. لم يعد الكاتب ينتظر موعد صدور الصحف والمجلات بل أصبح يلقي مقاله بالصوت أيضاً. وأشهر تلك الأعمال «حديث الأربعاء» لعميد الأدب طه حسين، و«حديث العشيّة» للشاعر الملحمي بولس سلامة. وكانت إذاعة بيروت تقدم كل مساء مطالعة، أو قصة قصيرة، يلقيها صاحبها بنفسه. ثم أدّى التطوّر التقني إلى ظهور «البث المباشر». ومع تغطية المهرجانات الأدبية والشعرية والندوات لم يعد الراديو مجرد آلة تذيع الأغاني، بل تعددت فوائده ووسائله حتى أصبح شيئاً يشبه «الجامعة المفتوحة» التي أنشأها فيما بعد الأمير طلال بن عبد العزيز في الفضاء التلفزيوني.
لم تقتصر مساهمة الأدباء والشعراء على المشاركات المتقطعة، بل عمل بعض المشاهير في الراديو كمذيعين. ومن أهم وأبدع أصحاب تلك الحناجر كان سعيد عقل في إذاعة لبنان، والطيب صالح في «بي بي سي». ولم يطل عمل سعيد عقل في الإذاعة، لكن الطيب صالح أمضى سنوات طويلة في «بوش هاوس» متمتعاً بحياة لندن مثل بطله مصطفى سعيد، في «موسم الهجرة إلى الشمال». وقبل صدور الصحف العربية بسنوات كانت «بي بي سي» مرفأ العرب السياسي والثقافي في لندن. وكان ضيوف لندن من ذوي الشهرة يحلّون ضيوفاً على برامجها أيضاً. وكان يطيب لهؤلاء أن تُسمع أصواتهم وأفكارهم مع «دقّة بيغ بن» و«توقيت غرينتش» في كل نقطة من العالم العربي. وكانت هي الإذاعة الموثوقة عند العرب، كارهيها ومعتمديها. ولم تعمد الدول الكبرى الأخرى إلى إنشاء إذاعات قادرة على المنافسة. وهكذا، ظلت الإذاعة الفرنسية محدودة الإنتاج والمدى، إلى حين قيام «إذاعة مونتي كارلو» أوائل السبعينات في صيغة قائمة على الحداثة والحركة والشبابية، بعكس صيغة «بي بي سي» التقليدية التي لم تتغير منذ «أعلنت ساعة بيغ بن العاشرة بتوقيت غرينتش. إليكم نشرة الأخبار، نبدأها بالموجز».
كان الفرنسيون والسوفيات أول من «فكر» في التحكم في الأثير العربي و«الإنجليز» أول من خطفه، ولا يزالون. أما أول من استخدمه من الأجانب على نطاق لا يصدّق، وبطريقة أسطورية لا تصدّق، وعبر رجل أسطوري لا يمكن أن يكون حقيقياً، فكانوا الألمان. والرجل كان العراقي يونس بحري، الذي كان يهتف من عاصمة هتلر كل يوم: «هنا برلين، حي العرب». وكان الرجل العجيب أول من اخترع الصوت المرتفع واللهجة الحادة والكلمات الجارحة قبل أربعين عاماً من قاموس مواطنه ومقلده محمد سعيد الصحاف، منادي العلوج والأوغاد. قاسم مشترك هائل بين الرجلين: كلاهما كان مبدعاً ومسلياً رغم درامية الأحداث.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصوات العرب مصطفى سعيد أصوات العرب مصطفى سعيد



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca