بقلم : مشعل السديري
مقتطفاتنا اليوم بها شيء من الفراسة والدهاء، ولا يخلو بعضها من الكذب المشوب بشيء من الغباء، وهكذا فُطر الإنسان على المتناقضات، فسلّوا صيامكم بما تقرأون، ثم اقذفوا به خلف ظهوركم، ومنها:
دخلت امرأتان على سليمان وكانتا متزوجتين من أخوين ويعيشان في بيت واحد. نامت إحداهما ليلاً مع رضيع وقتلته خطأ بأن نامت عليه من دون أن تشعر فأدى ذلك إلى وفاته. فقامت في حين غفلة من المرأة الأخرى وأخذت ابنها ووضعت الرضيع الميت مكانه إلا أن الحيلة لم تنطلِ على المرأة لمعرفتها بابنها وقرروا جميعهم الاحتكام لدى سليمان. سمع سليمان حجج المرأتين وكلتاهما تدّعي أمومة الطفل، فنادى على سيّاف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخلاف، فاضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان ألا يقتله ويعطيه لغريمتها بينما كان رد الأخرى جافاً ووافقت على قطع الطفل لكي لا يكون لأيتهما، حينها علم سليمان أيهما أُمّ الطفل الحقيقية وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على أن تراه يُقتل.
***
وهذه حادثة قديمة موثقة، رواها لي أحدهم وجاء فيها:
أن (إسحق وشاموئيل) يهوديان ضاعا في صحراء الجزيرة العربية، ونال منهما التعب والجوع والعطش وكاد يؤدي بهما للهلاك، لولا أن شاهدا بيت شَعرٍ لبعض البدو، وحثّا السير نحوه، وقبل أن يصلا قال إسحق لرفيقه: علينا التظاهر بأننا مسلمان حتى يعطونا ما يسد رمقنا. فردّ عليه شاموئيل: سأقول لهم الحقيقة ولن أكذب.
فلما وصلا وسألوهما عن اسميهما: قال إسحق: أنا مسلم اسمي عبد الله، وقال رفيقه: أنا اسمي شاموئيل وأنا يهودي، فقال صاحب البيت: احضروا لليهودي الطعام والشراب، وأنت يا عبد الله تعلم أننا في شهر رمضان الكريم وسوف تفطر معنا إن شاء الله إذا غربت الشمس ورُفع الأذان، فما إن سمع المسكين ذلك حتى أغمى عليه.
وكان الوقت ساعتها في منتصف النهار –أي في عز (القايلة) التي تشوي (الضب).
***
ومما قاله (أبو نواس) يهجو الفضل بطريقة (كاريكاتورية):
رأيت الفضل مكتئباً يناغي الخبز والسمكا
فأسبل دمعه لما رآني قادماً وبكى
فلما حلفت له بأني صائم ضحكا
وأترك أبو نواس على جنب، وهو الذي لا يهمه إلاّ كيف يملأ بطنه، وأستدعي على عَجَلٍ (ابن الشبل البغدادي)، الذي يقول عن (الجَمال) كأنه يتحدث بلساني:
خلقتَ الجَمالَ لنا فتنة- وقلت يا عبادي اتقون
وأنت جميلٌ تحب الجمال- فكيف عبادك لا يعشقون؟!