«تختخ» و«سوبرمان» والمعرفة

الدار البيضاء اليوم  -

«تختخ» و«سوبرمان» والمعرفة

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

القراءة عادة لا بد لها من التمرين المستمر، فضولُ أن تقرأ، حتى ولو قصاصة جرائد، شىء مهم ويحتاج إلى التشجيع. أطرق على باب ذاكرتى لكى تمنحنى إجابة السؤال: ماذا كان يقرأ جيلى؟ وما الذى زرع فينا نحن من أدمنّا القراءة تلك العادة؟

أنا شخصياً أتذكر وكان يشاركنى فى هذا معظم زملاء دراستى، مجلات سوبرمان وباتمان وتان تان وكانت مطبوعات لبنانية، كنا نتهافت عليها كل أسبوع، وهناك ميكى العالمية وسمير المنافس المصرى، وكلها كانت تُشبع خيالنا وتثريه، وكنا نبنى عالمنا الموازى الافتراضى بخيالنا بعيداً عن الفيس بوك المعاصر وغيره.

فى الابتدائية، ظهرت مجلة كانت ثورة ثقافية حينذاك، اسمها مجلة المعرفة، تصدر مترجمة عن مؤسسة الأهرام كل أسبوع، كنت مواظباً عليها بالرغم من موضوعاتها الدسمة، كان فيها التاريخ والعلم والفن بأسلوب مبسط ورسومات متميزة وكأن دافنشى أو مايكل أنجلو قد رسمها خصيصاً للمجلة! ما زالت مجلداتها فى مكتبتى حتى اللحظة، فيها رائحة وعبق الذكريات، أما ما فعلته دار المعارف بنا فقد فاق الحدود، فقد صدرت سلسلة «المغامرون الخمسة» التى جذبتنا نحن أطفال تلك المرحلة كما تنجذب الفراشات إلى النور، اللغة البسيطة والإثارة البوليسية الذكية، ورسم شخصيات المغامرين بتفرد، كل منهم له بصمة معينة، تختخ ومحب وعاطف ونوسة ولوزة والعسكرى فرقع والكلب زنجر، أحببنا حى المعادى الذى تدور فيه الأحداث ويسكنه المغامرون، كان يمثل بالنسبة لنا وقتها الفردوس المفقود واليوتوبيا التى نبحث عنها.

بالنسبة لى كانت هناك سلسلة تُطبع على ورق رخيص اسمها الهارب، هذه السلسلة سحرتنى، أتذكر أنها كانت رفيقى قبل النوم وكنت أحتفظ بعدد الأسبوع تحت وسادتى حتى ألتهمه وأنا أغالب النوم، الهارب كان بمثابة سيناريو مبسط للمسلسل الشهير ريتشارد كمبل، الذى كان أشهر مسلسل وقتها منافساً بيتون بليس.

«كمبل» كان طبيباً وسيماً متهماً بقتل زوجته. يطارده البوليس وهو يطارد الأكتع قاتل زوجته الحقيقى، المسلسل كان بمقاييس وقتها الأروع فى كل شىء، وقد سحر الجميع أطفالاً وشباباً وشيوخاً، ومن فرط التعاطف مع ريتشارد كمبل بكت مصر كلها فى الحلقة الأخيرة.

حب القراءة، كما يعتمد على جهدك الخاص كطفل، يعتمد أيضاً على مكتبة الأب والتى كنت ألتقط منها ما يجذبنى ويشدنى طبقاً لمقاييسى ومعاييرى حينذاك، فمعيار الأنانية جعلنى أقرأ عبقرية خالد، لأننى أحمل اسمه برغم صعوبته وجفاف لغته بالنسبة لطفل، وهناك سلسلة دار القلم، العدد بـ«قرشين صاغ»!! وكان يشدنى فيها الكتب العلمية التى كان يكتبها واحد من أعظم مَن كتب فى الثقافة العلمية وهو د. عبدالمحسن صالح وكان أستاذاً على ما أعتقد فى كلية علوم إسكندرية، كتب عن البكتيريا والفيروس وعلم البيولوجى، بلغة بسيطة وكان يمتلك خفة دم فى كتاباته تيسر على القارئ أية أفكار صعبة ومعقدة، هذه مجرد شذرات من مخزون الذكريات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تختخ» و«سوبرمان» والمعرفة «تختخ» و«سوبرمان» والمعرفة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca