بقلم : زاهي حواس
وجدت أننى أكتب عن بعض المشاهير الذين تركوا بصمة فى حياتنا الثقافية والأدبية والسياسية، وللأسف فإن حالتهم الصحية لم تعد تسمح للبعض بأن يقرأ كلمات الحب التى يكنها أفراد الشعب المصرى لهم، وما أنا إلا مندوب يترجم شعور الامتنان لهؤلاء النجوم؛ ولذلك يجب أن نستمر فى أن نكتب عن سيرة هؤلاء الرجال والنساء العظام الذين تركوا بصمات واضحة على أرض مصر.
وكما قلت من قبل إن جوائز الدولة فى العلوم والثقافة ليست لها معايير إلا ضمير المثقف، الذى يعطى صوته لمن يستحق الجائزة؛ ولذلك هناك العديد من النابغين الذين فاتهم قطار الجائزة، وجريدة «المصرى اليوم» تحتفى حاليًا بهؤلاء النجوم وتقدم لهم وسام الامتنان.
واختيار النجوم لا يتم من خلالى فقط، بل هناك مجموعة من الأصدقاء الذين يساعدوننى فى هذه الاختيارات، ويقدمون لى نبذة عن حياة هذا النجم أو ذاك. وأنا شخصيًا أتمنى من أى صديق أن يرسل لى رسالة باسم الشخص الواجب تكريمه.
وأنا هنا لا أقدم جائزة مالية أو أقدم وسامًا مكتوبًا، ولكن هذه الكلمات المختارة البسيطة التى أكتبها عن الشخصية هى التكريم، وأتمنى أن أجد الوقت كى أقدم هؤلاء النجوم فى كتاب يصبح أثرًا أو مجلدًا داخل منزل كل أسرة؛ وكى يعرف الشباب قيمة هؤلاء النجوم الذين غزوا المجتمع بأعمال مجيدة خالدة لاتزال باقية.
إن شباب مصر فى احتياج إلى قدوة وأن يستمعوا إلى تجارب هؤلاء النجوم، وهذا يكون مفتاحًا يفتح أمامهم العديد من الأبواب، وللأسف الشديد هناك العديد من الجهلة الذين يعيشون بيننا ويحاولون هدم النجاح بإطلاق الشائعات وبث السموم كى يحولوا النجاح إلى فشل، وهذا يجعلهم سعداء بدلاً من أن ينظروا إلى أنفسهم ويحاولوا تسلق سلم النجاح بالجهد والعرق. تقدم مصر لن يأتى إلا بالقضاء على أعوان الإله ست «إله الشر».
د. سمير فرج:
استطاع أن يترك بصمة واضحة فى كل المواقع التى تولى فيها المسؤولية؛ لذلك بزغ نجمه فى سماء القوات المسلحة والسياحة والثقافة والحكم المحلى، وفى نفس الوقت يتمتع بأسلوب بسيط راقٍ محترم استطاع من خلاله أن يكسب حب كل المحيطين به سواء من العاملين أو الإعلام أو رجال الدولة حتى المواطن العادى. يعرف مفاتيح النجاح ومنها سرعة القرار والجرأة فى التنفيذ ما دام ذلك فى مصلحة الوطن. كان أول المناصب التى تولاها وقدم نفسه للناس هو منصب مدير الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة. واستطاع أن يقدم خدمات جليلة لجيش مصر الباسل وعرف كيف يقدم إنجازات القوات المسلحة لكل المصريين. وسوف نجد أن الجيش فى قلب كل مصرى منذ خمسة آلاف عام وإلى الآن؛ لأن الجيش هو حامى الوطن، وبعد ذلك قدمه المشير طنطاوى للعمل المدنى ودخل عالم السياحة أثناء تولى د. ممدوح البلتاجى الوزارة، لكنه لم يجد نفسه داخل هذه المنظومة؛ ولذلك ترك السياحة؛ ليعمل مع الوزير الفنان فاروق حسنى ويرأس دار الأوبرا. والحقيقة فإنه وضع معايير النظام بها، وقدم للمصريين العديد من الإنجازات الثقافية والغنائية والباليه والأوبرا، ورأت القيادة السياسية أن يتم اختياره كى يرأس المجلس الأعلى للأقصر، ولم يكن سعيدًا بهذا الاختيار، غير أنه قام بالعديد من الإنجازات فى المدينة، ومن خلالها حصل على منصب المحافظ، ورغم أننى كأثرى كنت أخاف على المدينة من سرعة إنجازاته، ولم أكن أتمنى للأقصر أكثر من أن تكون مدينة نظيفة، استطاع أن ينقل أهالى القرى الذين كانوا يعيشون فوق الآثار، وبنى لهم قرية رائعة، ونقل الأهالى من طريق الكباش ولم يكن باقيًا منه غير 400 متر كانت فوقها إشغالات.
ولو طال الوقت، لشهدنا افتتاحًا عالميًا للطريق. المدينة أصبحت نظيفة وعمل مشروعًا مهمًا لكورنيش المدينة، وقدم معى الإعلان عن أول كشف بعد توت عنخ آمون بوادى الملوك، ودخل هذا الكشف قلوب كل الناس فى العالم كله. اللواء الدكتور سمير فرج رجل محترم قدم الكثير لبلده وترك على أرض الواقع إنجازات عظيمة؛ لذا نقدم له وسام الامتنان.
د. حاتم الجبلى:
منذ فترة بسيطة حدثت أزمة صحية لصديقى الكاتب الكبير صلاح منتصر وقامت د. منى الطويل حرمه بطلب الإسعاف، ووصل إلى منزله بالزمالك فى أقل من خمس دقائق، وهذه المنظومة الجميلة تحسب بلا شك للدكتور حاتم الجبلى، الذى تعاقد مع حوالى 3000 سيارة جديدة، وأنشأ هيئة إسعاف مصر، وكان يوجد داخل كل سيارة صفراء طبيب يمكن أن يعالج المريض فى المنزل أو يأخذه إلى المستشفى. هذا الإنجاز بلا شك يحسب إلى د. حاتم الجبلى، وقد تخرج من طب قصر العينى، وكان يعمل أستاذًا للأشعة بطب عين شمس. وبعد ذلك تولى الوزارة من عام 2005 إلى 2011، وقد أثير الجدل حول وزارة الصحة فى عهده، خاصة لأنه يمتلك مستشفى دار الفؤاد، وأعتقد أن ذلك كان فى صالح الوزارة؛ لأنه استطاع أن يقدم العديد من الإنجازات رغم أننى أعتبره وزيرًا سيئ الحظ؛ لأن هناك العديد من المشكلات الصحية التى واجهت المواطنين حدثت فى عهده مثل فيروس سى، وأن الدولة فى ذلك الوقت لم تعلن أن الصحة مشروعها القومى. وكان المخصص للتطوير مبالغ قليلة جدًا لا تفى بما كان يود أن ينجزه سواء تحسين حالة الطبيب أو ما وضعه من مجموعة القرارات التى كان يود تنفيذها بالمستشفيات الحكومية من نظافة الوحدة وتواجد الأطباء بالمستشفى وتوفير الدواء، وبعد ذلك يقاس رضا المواطن من عدمه، وقد أعاد بناء 2000 وحدة صحية فى أربع سنوات بواسطة القوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطنى، ووضع أول برنامج فى الشرق الأوسط للكشف المبكر على سرطان الثدى للسيدات، وشكّل اللجنة القومية لمقاومة فيروسات الكبد، وأنشأ 29 مركزًا للعلاج المجانى، وبرنامجًا لتدريب 15 ألف طبيب سنويًا، وتوفير أكثر من 50 بعثة لدراسة MBA، وصاغ مسودة قانون التأمين الصحى وتطوير مائة مستشفى عن طريق الجيش، وحدثت فى عهده أول عملية زراعة كبد. وقد قال عنه الطبيب الشهير الدكتور محمد عبد الوهاب: «إن الدكتور حاتم الجبلى هو أحسن وزير صحة جاء لمصر»، وقد قمت بناء على طلبه بعمل برنامج ترميم شامل لمبنى وزارة الصحة الأثرى. الدكتور حاتم الجبلى رجل محترم تشهد له إنجازاته التى عرضت فقط أهمها، ولكنه سوف يبقى داخل قلوب المصريين؛ لذلك نقدم له وسام الامتنان.