أخر الأخبار

الرومان في دومة الجندل

الدار البيضاء اليوم  -

الرومان في دومة الجندل

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

نظراً للموقع الجغرافي الاستراتيجي لدومة الجندل وأهميتها كمحطة تجارية رئيسية في شمال شبه الجزيرة العربية، بدأت الإشارات الأولى لدومة الجندل في الظهور بالمصادر الرومانية مع بداية القرن الأول الميلادي، ولكن المتوافر لدينا الآن من الأدلة التاريخية يشير وبوضوح إلى ازدهار المنطقة خلال القرون الميلادية الأولى بسبب عوائد التجارة سواء من الجنوب للشمال أو من الشرق للغرب كما شرحنا ذلك في مقالنا السابق. وفي كتابه الشهير بعنوان «التاريخ الطبيعي» ذكر المؤرخ الروماني بلينوس الأكبر واحة دوماتا المزدهرة. كما أشار كلاوديوس بطليموس في القرن الثاني الميلادي إلى مدينة عظيمة في المنطقة العربية تسمى دوماتيا وذلك ضمن كتابه بعنوان «الجغرافيا». ويؤكد ما ذهب إليه كلاوديوس بطلميوس أن دومة الجندل كانت بالفعل جزءاً من المنطقة العربية التي أسسها الإمبراطور الروماني تراجان في عام ميلادي. ومن خلال هذا التقسيم السياسي الذي وضعه الرومان استطاعوا التحكم في طرق التجارة القديمة حيث أتاحت لهم السيطرة على دومة الجندل التحكم في الحدود الشرقية لمملكة الأنباط، وذلك رغم قلة المصادر التي تشير إلى وجود الرومان بالفعل في الواحة الخصبة.
ومن تلك المصادر القليلة نقش عثر عليه على مبنى قريب من الواحة يؤرخ بالقرن الثالث الميلادي ويشير النقش إلى السنتوريون فلافيوس ديونيسيوس من الفيلق الثالث قد خصص المبنى لعبادة سولموس. والفيلق المذكور بالنقش هو الذي كان موكلاً إليه السيطرة على شمال المنطقة العربية ومن ضمنها مدينة الحجر (مدائن صالح). وهناك نقش آخر لا يزال معناه غامضاً، ولكن يبدو أنه كان تسجيلاً لسلسلة من مخططات البناء الموكل تنفيذها إلى الفيلق الثاني الروماني على الطريق بين بصرى الشام ودومة الجندل. وهناك أيضاً تفسير آخر للنقش يشير إلى أنه نص احتفالي بمعركة خاضها أوريليانوس ضد زنوبيا ملكة تدمر بين سنتي و ميلادي.
ولا تزال أعمال الدراسات الأثرية بمنطقة دومة الجندل مستمرة لكشف المزيد من المعلومات عن تلك المباني والتحصينات الضخمة الموجودة بالمنطقة، والتي يرجح تأريخها بالعصر الروماني. وقد وفرت لنا الدراسات التي تمت في عام م الكثير من المعلومات المهمة عن تلك المنشآت والتي من أهمها أنه أصبح لدينا لأول مرة خريطة أثرية واضحة ودقيقة عن آثار دومة الجندل وكذلك وصف علمي للآثار القائمة بها.
ولعل من أهم الاكتشافات الأثرية بالمنطقة تلك المقبرة التي عثر عليها علماء آثار سعوديون بالقرب من الواحة وتحديداً إلى الشرق من حي الصنيميات. وقد عثر الأثريون بداخل المقبرة على العديد من القطع الأثرية ومنها عملة نقدية تعود إلى عهد الإمبراطور هادريان ( - م). كما تؤكد دراسة الطبقات الأرضية في المنطقة التاريخية أن سيطرة الرومان قد تلت سيادة الأنباط على دومة الجندل ودون وجود ما يشير إلى انقطاع في الامتداد العمراني بالمنطقة. بمعنى أن الرومان قد أعادوا الاستفادة مما هو قائم بالفعل من مبانٍ ومنها المبنى الضخم المعروف الآن بالمبنى (أ).
كذلك فإن دراسة الطبقات الأثرية خلال العصر الروماني تشير وبوضوح إلى ظهور التأثيرات البيزنطية خصوصاً على المنتجات الخزفية الواردة من سوريا وفلسطين وذلك فيما بين القرنين الرابع والسادس الميلادي. ولا تزال الاكتشافات تتوالى لتميط اللثام عن تاريخ عريق ظل غير معروف لقرون عديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرومان في دومة الجندل الرومان في دومة الجندل



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 05:15 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

موقع الواجهة البحرية في "رامسغيت" يتحول إلى إبداع فني

GMT 09:34 2018 الثلاثاء ,14 آب / أغسطس

افتتاح "Paw Cats Hotel" أول فندق للقطط في سورية

GMT 11:32 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يرغب في التتويج بجائزة أفضل لاعب أفريقي لكرة القدم

GMT 06:41 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

مديرية الضرائب تلزم الأفراد التصريح بالضريبة على الدخل

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 23:55 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الملك يُشرف على تنظيم مركز للعلاجات الصحية الأساسية في سلا

GMT 14:00 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليال عبود في طرابلس للمشاركة في معرض "الأعراس"

GMT 12:58 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أسباب الموت القلبي المفاجئ وتعليمات بشأن طرق الوقاية منه
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca