زاهي حواس
تمكن العلماء في المملكة العربية السعودية تحت إشراف هيئة التراث بقيادة الدكتور جاسر سليمان الحربش، الرئيس التنفيذي لهيئة التراث بالمملكة، من اكتشاف منحوتات كبيرة لجمال على أحد الجبال بمنطقة الجوف تعود إلى عصر ما قبل التاريخ.
هذا الموقع الذي يضم 21 نحتاً مجسماً (منها 17 نحتاً مجسماًلجِمال واثنان من فصيلة الخيليات، ونحت آخر لم تتضح هويته) قد يكون من أقدم المواقع في العالم لنحت الحيوانات المجسمة بالحجم الطبيعي.
وكان العثور على هذه النقوش فى حالة سيئة، نظراً لعوامل التعرية وعوامل القدم، يمثل تحدياً كبيراً لمجموعة المكتشفين. حيث كان للحالة التى وجدت عليها هذه النقوش تأثير كبير في عدم التمكن من وضع تاريخ محدد لها.
ويذهب البعض إلى أن هذه المناظر المنحوتة على الصخور والتي تجسد شكل إبل فى صحراء المملكة العربية السعودية ربما تكون بالفعل أقدم نقوش لحيوانات على مستوى العالم.
وقد قارن العلماء بين هذه النقوش وتلك المكتشفة في مدينة البتراء بالمملكة الأردنية. ويعتقد بعض هؤلاء العلماء أن عمر هذه النقوش يعود إلى نحو سبعة آلاف أو ثمانية آلاف عام.
وعندما تم الكشف عن هذه النقوش الصخرية في عام 2018، قدر الباحثون وقتها أن عمرها يقدر بألفي عام فقط. ولكنّ هناك كثيراً من الأدلة التي تعزز تاريخاً أقدم بكثير من هذا.
وما يمكن استخلاصه هو أن هناك صعوبة في الوقت الحالي للوصول إلى تاريخ مؤكد لهذه النقوش الصخرية؛ والتي يدخل في حسابها كثير من الاعتبارات الأثرية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: تاريخ العمران الإنساني بالمنطقة، والنشاط العمراني لأهلها. وكذلك دراسة الآثار الأخرى المجاورة لها والمرتبطة بها، سواء كانت آثاراً ثابتة؛ من منشآت سكنية أو قبور، أو آثاراً منقولة كاللقى الأثرية.
بالطبع كان لهذا الكشف صدى عالمى كبير، جعل البعض يشير إلى أن هذه النقوش أقدم من الأهرامات المصرية! ولم يكن هذا الوصف دقيقاً من الناحية العلمية، لأن المقارنات بين الآثار المختلفة وأهميتها فى كتابة التاريخ لها منهجها العلمي الذي يتسق وطبيعة كل أثر. ولقد نشر العلماء السعوديون مع باحثين أجانب هذه الاكتشافات فى دوريات علمية، تؤكد قيامهم بدراسة متكاملة للعلامات والخطوط الموجودة بالموقع، بالإضافة إلى ما تم العثور عليه من بقايا عظام لحيوانات، والتي قد تساعد على تحديد عمر هذه المنحوتات، خصوصاً بعد تحليل هذه العظام. أما عن السبب في وجود هذه المنحوتات والنقوش الصخرية التي يغلب فيها تصوير الإبل أن المنطقة كانت نقطة التقاء بين قبائل المنطقة لأغراض التجارة. كما أضاف العلماء أيضاً أن بعض هذه النقوش قد عثر عليها على ارتفاع كبير، من الصعب الوصول إليه دون مساعدة وتجهيزات خاصة.