الخليج وأمريكا.. ندية أم طاعة عمياء؟!

الدار البيضاء اليوم  -

الخليج وأمريكا ندية أم طاعة عمياء

عماد الدين حسين
بقلم: عماد الدين حسين

هل صحيح أن القواعد التى تقوم عليها العلاقات العربية الأمريكية قد تغيرت، وأن هناك ندية عربية بديلا للطاعة العمياء التى كانت سائدة فى العقود الماضية؟!

الإجابة هى نعم من وجهة نظر بعض الخبراء والمتابعين والمحللين الذين استمعت إليهم، وهم يحللون الزيارة المهمة جدا التى قام بها الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية، والقمة التى عقدها مع قادة ورؤساء وملوك دول مجلس التعاون الخليجى الست ومصر والعراق والأردن فى مدينة جدة يوم ١٩ يوليو الجارى.

من بين هؤلاء الخبراء الدكتور مصطفى الفقى الدبلوماسى والمفكر السياسى المرموق، وكان يتحدث مساء الثلاثاء الماضى مع الإعلامى المتميز شريف عامر على قناة «إم بى سى مصر».

من وجهة نظر أصحاب هذا الرأى أن قادة وكبار مسئولى الولايات المتحدة ظلوا لعقود طويلة يتعاملون مع المنطقة وقادتها بطريقة «السيد والتابع». أمريكا تصدر الأوامر والمنطقة تنفذ، وعلى حد تعبير الدكتور مصطفى الفقى، فإن واشنطن كانت تتقدم لبعض الدول بثلاثة طلبات مثلا على أمل أن تحظى بالموافقة على مطلبين من الثلاثة، فتتفاجأ بأن الدولة العربية المعنية وافقت على أربعة مطالب!! أى أنها وافقت على طلب لم تطلبه أمريكا من الأساس، وهى صيغة مجازية بطبيعة الحال للدلالة على علاقة الانسحاق التام التى كانت تميز علاقة الطرفين.

لكن ما الذى تغير حتى تتغير هذه الصيغة القديمة؟!.

ظنى أن هناك مجموعة متداخلة من العوامل، أولها موضوعية، وتتعلق بتراجع دور الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة فى الساحة الدولية، مقابل صعود قوى أخرى أهمها الصين، خصوصا على المستوى الاقتصادى، وهنا لا يمكن تجاهل أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الخليج وغالبية الدول العربية وبين الصين، صارت أقوى وأكبر من العلاقة مع الولايات المتحدة.

والعامل الثانى أن الولايات المتحدة ومنذ سنوات خصوصا بعد «عقيدة أوباما» وهى تخاطب الخليج والمنطقة وتقول لهم طوال الوقت: «لم نعد نطيق التعامل مع هذه المنطقة البائسة، وسوف نغادرها إلى مناطق أكثر أهمية مثل جنوب شرق آسيا».

والعامل الثالث أن إدارة باراك أوباما وحينما وقعت الاتفاق النووى مع إيران عام ٢٠١٥ فإن الرسالة التى وصلت لبلدان الخليج خصوصا السعودية والإمارات والبحرين، هى أن واشنطن باعت الخليج إلى إيران، ولولا هذه الرسالة ما تجرأت طهران على ما فعلته فى اليمن والعراق ولبنان وسوريا.

هذا السلوك الأمريكى جعل بلدان الخليج تبحث عن ضرورة الاعتماد على نفسها أولا، وعلى قوى أخرى كبرى دولية أو اقليمية ثانية، حتى لا تجد نفسها وحيدة معزولة فى مواجهة إيران.

العامل الرابع أن الرئيس جو بايدن وخلال حملته الانتخابية تعهد بمعاقبة السعودية وحكامها وجعلهم منبوذين، على خلفية مقتل الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى، وبالتالى صارت هناك مشكلة شخصية بين بايدن ومحمد بن سلمان.

ثم إن هناك تغيرا جيليا، فغالبية حكام الخليج صاروا من الشباب أو تحت سن الستين وأحيانا الخمسين، مقارنة بجيل الآباء الأكبر المرتبط عضويا بالولايات المتحدة وبريطانيا. ومع التغيرات الدولية المتلاحقة اختلفت الكثير من القواعد، ووصلنا إلى مرحلة لا يرد فيها حكام السعودية والإمارات على محاولات بايدن المستمرة للاتصال الهاتفى بهم!!.

أما العامل الحاسم فكان غزو بوتين لأوكرانيا وارتفاع أسعار النفط والغاز بصورة كبيرة، وهنا عادت الأهمية الكبرى لدول الخليج النفطية، وصارت هناك حاجة أمريكية ملحة لضخ المزيد من النفط فى الأسواق العالمية لتهدئة الأسعار، حتى لا تتضرر فرص الديمقراطيين فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر المقبل.

هنا اضطر بايدن للمجىء للخليج والتراجع عن كل تعهداته الانتخابية والتفاوض فى إطار صفقات من قبيل: «ماذا ستقدم لى أمريكا مقابل ضخ المزيد من النفط أو تهدئة العلاقات مع الصين وروسيا؟!».

هذه هى الخلفية التى قادت إلى اللحظة الراهنة، لكن فى المقابل هناك وجهة نظر أخرى تقول إنه يصعب القول إن التغير الدراماتيكى قد حدث بالكامل فى علاقات الطرفين، وأن الخليج لا يزال يحتاج أمريكا وبقوة، وإن قوة واشنطن الشاملة لم تأفل بعد، كما يتصور كثيرون. والرأى الأخير يحتاج إلى مزيد من المناقشة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخليج وأمريكا ندية أم طاعة عمياء الخليج وأمريكا ندية أم طاعة عمياء



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca