هل تؤمن الدولة بالقطاع الخاص؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل تؤمن الدولة بالقطاع الخاص

عماد الدين حسين
بقلم: عماد الدين حسين

هل تؤمن الدولة فعلا بدور حقيقى وجوهرى للقطاع الخاص فى عملية التنمية وسائر النشاط الاقتصادى؟!الإجابة هى نعم بالنظر إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى المتعددة والمتواترة فى هذا الصدد، وآخرها خلال إفطار الأسرة المصرية، وبعدها فى افتتاح مشروع «مستقبل مصر» الزراعى فى طريق الضبعة وأخيرا صباح الإثنين الماضى فى افتتاح مشروع الإنتاج الحيوانى فى مدينة السادات بالمنوفية، وكذلك تصريحات العديد من المسئولين الحكوميين، وفى هذا الصدد هناك أهمية للوثيقة التى أطلقها مجلس الوزراء قبل أسابيع قليلة وتتعلق بملكية القطاع الخاص وطريقة عمله إذا تم تطبيقها بصورة فعلية على أرض الواقع.

ثم إن هناك دليلا عمليا بعيدا عن الكلمات والتصريحات، وهى التعديلات التشريعية الكثيرة التى صدرت فى السنوات الأخيرة، وسمحت للقطاع الخاص بالعمل فى العديد من القطاعات الاستراتيجية التى كان محظورا عليه مجرد التفكير أو العمل فيها.

صار بإمكان القطاع الخاص العمل فى إنتاج الكهرباء والنقل النهرى، وقطاعات أخرى كثيرة.
إذا ما هى المشكلة؟
الدولة أدركت بوضوح أن القطاع العام وحده لا يمكنه قيادة عملية التنمية. هذا القطاع لعب دورا محوريا وقائدا فى عملية التنمية فى الفترة من ١٩٥٢ وربما حتى سنة ١٩٩٠، وهو الذى تحمل السنوات الصعبة من هزيمة ١٩٦٧ وحتى انتصار أكتوبر ١٩٧٣.

الدولة تقول إن هناك نحو مليون مصرى تقريبا يدخلون سوق العمل كل سنة، هؤلاء يحتاجون فرص عمل، وإلا دخلوا فى متاهة البطالة. فمن الذى سوف يوفر لهم فرص العمل؟!.
الحكومة تقول إنه لم يعد بإمكانها أن تفعل ذلك، بل هى تدرس منذ فترة كيفية التخلص من العمالة الزائدة، حيث لديها أكثر من خمسة ملايين موظف حكومى، فى حين أن القطاع الخاص يوظف أكثر من ٢٥ مليون مصرى.
السؤال إذا كان الأمر كذلك فمن الذى سيوفر فرص العمل للذين يدخلون سوق العمل سنويا؟!

الإجابة أنه القطاع الخاص ولا أحد غيره. سيقول البعض ولكن المشروعات الاستراتيجية التى نفذتها الدولة وفرت فرص عمل كثيرة وصلت إلى نحو ٥ ملايين فرصة عمل طبقا لما قاله كبار المسئولين فى الأسابيع الأخيرة.
هذا صحيح، وهذه المشروعات لعبت دورا مهما جدا فى إنشاء وتأسيس وتطوير البنية التحتية وتشغيل الملايين، مما ساهم فى رفع معدلات النمو طوال السنوات الماضية. لكن هذه مشروعات تتم لمرة واحدة، وليست دائمة. وهناك مقولة اقتصادية تقول إن بناء مدينة سكنية كاملة تضم آلاف الوحدات قد يشغل مائة ألف عامل ما بين مهندس إلى عامل إلى حرفى ومشرفين إداريين لكنها حينما تنتهى فإن الذين سيظلون محتفظين بوظائفهم هم حارس بوابة المدينة وعامل النظافة والمشرف العام على المدينة فقط أما بقية المائة ألف فسوف يبدأون رحلة البحث عن عمل جديد.

ما نريده ونتمناه هو المشروعات الاستثمارية التى تولد فرص عمل دائمة. وهو الدور الذى يفترض أن يلعبه القطاع الخاص.
وإذا كان الأمر كذلك فالمفترض أن يتم دعم القطاع الخاص بكل الطرق لكى يقوم بهذه الوظيفة الحيوية.
سيقول البعض، ولكن بعض العاملين فى القطاع الخاص لصوص وحرامية وسرقوا البلد؟!

والإجابة هى أنه ربما يكون هناك بالفعل لصوص فى هذا القطاع، شأن أى قطاع آخر، وبالتالى يجب التعامل معهم بأقصى ما يتيحه القانون من عقوبات مغلظة.
لكن ما نتحدث عنه هو الجانب الأكبر من هذا القطاع، الذى يعمل وينتج ويوظف ويصدر ويستورد ويجعل عجلة الاقتصاد الوطنى دائرة وشغالة ولا تتوقف.
طبعا هناك قطاعات ترى الدولة أنها ينبغى أن تستمر فى حوزة القطاع العام، لأنها تتعلق بصميم الأمن القومى، وهو أمر موجود فى غالبية بلدان العالم.

ورأينا فى الشهور الأخيرة اتجاها لبيع بعض الأصول إلى دول وكيانات عربية وأجنبية للحصول على مزيد من العملات الصعبة بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة الناتجة عن جائحة كورونا ثم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
فإذا كنا نبيع بعض الأصول للأجانب، فالأولى أن يكون هناك تشجيع للقطاع الخاص الوطنى بكل الطرق.

السؤال: إذا كانت الدول تؤكد على دور القطاع الخاص فى كل لحظة، فأين تكمن المشكلة وهل المجتمع صار متقبلا لدور أوسع للقطاع الخاص، وهل هناك مشكلة فى نظرة الإعلام المصرى للقطاع الخاص؟
أسئلة مهمة تستحق إجابات هادئة وعاقلة لمصلحة الوطن بأكمله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تؤمن الدولة بالقطاع الخاص هل تؤمن الدولة بالقطاع الخاص



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca