هل تراجع بايدن؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل تراجع بايدن

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

يمكن القول إن واشنطن، أخيراً، رجحت مصالحها العليا في العلاقة مع دول الخليج، والسعودية تحديداً، بعد عام ونصف العام من عدم اليقين والتذبذب، وبعد إرسال إشارات تعبر عن تقليص علاقتها، وانسحابها من التفاهمات التاريخية بين البلدين؟
الأحداث الكبيرة عالمياً خلقت حالة «عودة الوعي السياسي» عند رجال بايدن، وهي وراء التبدلات المهمة في أولويات إدارته، ومن بينها، إعادة اكتشاف ضرورات العلاقة بين البلدين. الأصوات الرافضة لإعادة الحرارة للعلاقات السعودية - الأميركية كانت أقلية، حتى افتتاحية صحيفة، مثل الواشنطن بوست، نشرتها بعد انتهاء جولة الاجتماعات، وليس قبله، مما يبين أنها كانت مجرد تسجيل موقف كلامي آخر لم يجد صدى في واشنطن نفسها.
خلال عام ونصف العام تقريباً، تكاثرت الضغوط الهائلة على الرياض في قضايا صعبة، مثل حرب اليمن، وعقود التسليح، وسحب الصواريخ، وتحديد استخدام الذخيرة، والتدخل في إدارة العلاقات الإقليمية والدولية مع الصين وروسيا، والسعي لرفع العقوبات عن إيران، وإنتاج النفط وأسعاره، وغيرها من نقاط الاختلاف. كل هذه مجتمعة، سببت تصدعات في العلاقة بين بلدين ظلا حليفين لثلاثة أرباع القرن. وكانت المسافة الفاصلة تتسع، وملامح خروج الولايات المتحدة من المنطقة يتأكد لصالح التوجه نحو الشرق آسيوياً.
واقعياً، لا يمكننا إغفال التبدلات التي تؤثر في صناعة القرار السياسي الأميركي، فقد كانت دول الخليج المصدر الأكبر لواردات واشنطن من النفط، ولم تعد كذلك، منذ نجاحها في تطوير تقنية التكسير والبترول الصخري. ولم تعد ترى واشنطن ضرورة الوجود لحماية مصالحها في مناطق النفط وممراته البحرية، والكثير منه يذهب لمنافسيها مثل الصين. إنما الإنكار ليس على إدارة بايدن في خيارها، إدارة ظهرها للمنطقة ولحلفائها، بل في ما تتوقعه منهم. مثلاً تحد من استخدامهم السلاح وفي الوقت نفسه تعترض على مشترياتهم من الصين أو روسيا. والمثال الآخر، أن تتفاوض واشنطن مع إيران لإنهاء العقوبات، من دون الأخذ في الاعتبار المخاطر الكبيرة على دول المنطقة، وتتوقع من هذه الدول ألا تبحث عن تحالفات تسد الفراغ.
هناك أربعة أحداث صادمة ومتتالية أعادت إدارة بايدن إلى رشدها؛ انفجار الخلاف مع الصين في العام الماضي، وإقدام واشنطن على سلسلة إجراءات عقابية ضدها. والثاني، قيام روسيا بغزو أوكرانيا، الذي وصف بأنه أخطر تهديد لأوروبا وحلف الناتو منذ الحرب العالمية الثانية. والثالث، تضاعف أسعار النفط والغاز، نتيجة تزايد الطلب العالمي بعد انهاء قيود كوفيد وأزمة أوكرانيا. ثم، تصاعد نسبة التضخم التي ستقضي على مكتسبات الانتعاش الاقتصادي، وتهدد حظوظ بايدن وحزبه في انتخابات نوفمبر النصفية.
خلال أشهر من الأزمات توجب على واشنطن أن تراجع واقعية حسابات علاقاتها. وللمصالح طريق من اتجاهين، وليست في اتجاه واحد. فالطاقة لا تزال سلاحاً مهماً في الحروب، وربما حاسماً، وهنا لم تفلح واشنطن في دفع الرياض لزيادة إنتاجها، في وقت كانت واشنطن تكافئ نظام إيران وتنوي فتح باب القفص له الذي يهدد السعودية ودول المنطقة.
ماذا حدث؟ هل تراجعت إدارة بايدن عن مواقفها حيال السعودية في اليمن، والتنازلات لإيران، والتدخل في شؤون السعودية الداخلية، وتقليص التسليح؟ لا بد أن رفض ولي العهد استقبال اتصالات الرئيس الأميركي الهاتفية، لم يكن عن موقف شخصي منه، فهناك جملة قضايا خلافية تتطلب تصحيحها. ولم يكن اتصال هاتفي من الرياض يقنع بطي صفحات الخلاف العالقة في الخمسة عشر شهراً الماضية، وفتح صفحة جديدة من دون حلول حقيقية لخلافات كبيرة. ولهذا أوفد سموه نائب وزير الدفاع، الأمير خالد بن سلمان، إلى العاصمة الأميركية والاجتماع بالقيادات السياسية والعسكرية هناك.
هل تراجع بايدن؟ يبدو ذلك مع ملامح موقفه المتشدد ضد إيران. والحقيقة أنه ما كان مضطراً لهذه الخصومة منذ البداية. فقد احتاج بايدن في سنة إلى حلفاء مثل السعودية أكثر مما احتاجه سلفه، الرئيس ترمب، للسعودية في أربع سنوات. شيء من الواقعية، وتشخيص الأزمات الجديدة، كوفيد والصين وغزو أوكرانيا، تعني أن تحالفات الضرورة ستعود وستعيد ترتيب العلاقة لفترة ليست بالقصيرة.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تراجع بايدن هل تراجع بايدن



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca