شبح «كورونا» يطارد «حماس» و«فتح»

الدار البيضاء اليوم  -

شبح «كورونا» يطارد «حماس» و«فتح»

بكر عويضة
بقلم : بكر عويضة

كأن ناس الضفة الغربية وقطاع غزة، كان ينقصهم أن تشمل مصائب فيروس «كورونا» تواصل اللقاءات بين قيادات كل من حركة «حماس» وحركة «فتح»، فتصيب خطى التقارب، بين الحركتين بشلل، وبالتالي يُحمّل الفيروس مسؤولية تعثر التفاهم الموصِل إلى إنهاء الانقسام. إنما، بقصد الإبقاء على الأمل، يمكن استحضار مضمون تصريح للسيد نبيل شعث، ممثل الرئيس محمود عباس (الخميس 2020/6/4) عن وجود اتصالات مع «حماس»، وفق ما أورد الموقع الإخباري «غزة الآن». ورد في التصريح أيضاً أن المناقشات جارية «مع الأطراف المختلفة التي تعمل في ملف المصالحة، حتى يصل الجميع إلى برنامج زمني واضح». ممتاز، أين المشكل؟ حسبما نسب الموقع ذاته للسيد شعث: «أثَرت أزمة كورونا سلباً في استئناف ملف المصالحة، لكن توجد حلول كي يتم العمل في المصالحة، من خلال برامج الاتصال الإلكتروني، والمهم في النهاية هو إنهاء هذا الانقسام».
حقاً، تفاءلوا بالخير تجدوه. استناداً إلى هذا التميز المعروف عند العرب عموماً، بشأن ترجيح كفة التفاؤل، سوف يبدو ضرباً من العبث أي استخفاف بما قال السيد شعث. إنما، مع كل الاحترام الواجب، والتقدير المطلوب، ألا يجوز للجسم الفلسطيني المضروب اقتصادياً، من أعلى الرأس إلى كعب القدم، مروراً بالنخاع، ثم الممزق الولاءات سياسياً، والمُعاني اجتماعياً كل أوجاع ما تسبب فيه الانقسام بين قيادات حركتي «حماس» و«فتح»، أن يُوجه للأستاذ شعث، وغيره من الساسة الفلسطينيين، سؤالاً يقول موجز مضمونه ما يلي: لماذا يجب أن يثق بسطاء الفلسطينيين، وعموم شرائح مجتمعهم، وليس نُخبهم التي تتمتع برغد عيش من المستوى الممتاز، أن لقاءات التواصل الإلكتروني، بين القيادات التي باتت تفضل العيش في منافي الشتات، ويتم تسهيل لم الشمل مع عائلاتها، رغم كل العوائق، وتلك التي لم تزل فوق تراب الوطن، سوف تحقق ما أخفق في الوصول إليه كل ما جرى من اللقاءات المباشرة من قبل؟
واقعياً، ليس من سبب يعزز احتمال أن تنجح لقاءات التواصل الافتراضي، إذا تمت، في التوصل إلى حلول لم يُفلح في إنجازها أكثر من لقاء مباشر جمع رؤوس الفصائل الفلسطينية، قبل وقوع فأس الانقسام في الرأس الفلسطيني عام 2007. هل يتذكر السادة زعماء الفصائل «إعلان القاهرة» الصادر في 2005/3/19 والحامل تواقيع ممثلي كل من «حماس»، «فتح»، «الجهاد الإسلامي»، «الجبهة الشعبية»، و«الشعبية الديمقراطية»؟ خمسة تنظيمات تتفق، قبل خمس عشرة سنة، وفق نقاط ذلك الإعلان، على تمهيد الطريق أمام انتخابات 2006، التي سوف تشارك فيها، لاحقاً، حركة «حماس»، فتُقدم، بمشاركتها غير المسبوقة تلك، على الانخراط في العمل السياسي، بافتراض أن قياداتها تعرف، مسبقاً، أن ولوج تلك الطريق خاضع لشروط القبول بمبادئ اتفاق أوسلو (1993/9/13)، وبالتالي فإن المنطق الواقعي يوجب عليها، في أضعف الحالات، تعديل منهج تعاملها، مع مجمل الأساس القائم عليه النهج المسلح للمقاومة، حتى يصبح ممكناً تحقيق المُتاح عملياً، أي قيام دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، على أرض قطاع غزة والضفة الغربية. ما الذي حصل لاحقاً؟
سوف يُوَّثق، تاريخياً، مسلسل أخطاء ارتُكِبت فوق ما استُعيد من أرض فلسطينية، رغم كل إجحاف اتفاق أوسلو، عُدَت نواة تحقيق حلم الفلسطينيين بالاستقلال. أخطاء مارستها أطراف عدة، وليس القيادات الفلسطينية وحدها، لكن الأخيرة تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية كونها الممسكة أكثر من غيرها بدفة القرار الفلسطيني، وتالياً المسوؤلة عن إضعاف وضع القضية وأولوية مكانتها، عربياً ودولياً، بإصرارها المُفجِع على استمرار تشرذم الموقف المعبّر عن الشعب الفلسطيني. شكل اتخاذ موقف دولي يرفض فوز «حماس» في انتخابات 2006 التشريعية أولى ذرائع الانشقاق. الوقوع في ذلك الخطأ يشبه، مع الفارق في القياس، ما تبع رفض انتصار جبهة الإنقاذ الإسلامية في انتخابات الجزائر البلدية سنة 1989. إقصاء أي تيار عن ساحة العمل السياسي العام سوف تكون له انعكاسات سلبية، عاجلاً أو آجلاً. لكن رد فعل «حماس» على عقابها بالحصار، وإغلاق معابر قطاع غزة، بانقلابها الكلي على الشرعية الفلسطينية الوحيدة المُعترف بها عربياً ودولياً، هو الذي سيوصل إلى ما انتهى إليه الحال منذ ثلاثة عشر عاماً حتى الآن. سواء قبل مجيء «كورونا»، وخلال أزمته، وبعد رحيله، إذا لم تَصْفُ نيات قادة التنظيمات الفلسطينية، لن تقوم للمصالحة أي قائمة. من المستفيد؟ فليسألوا ضمائرهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح «كورونا» يطارد «حماس» و«فتح» شبح «كورونا» يطارد «حماس» و«فتح»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca