إنها الحرب... بكل ويلاتها

الدار البيضاء اليوم  -

إنها الحرب بكل ويلاتها

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

ها هو المشهد يتكرر من جديد. يفشل سياسيون في تحكيم العقل، فتغيب حكمة التصرف ليحل الاندفاع مكانها، وتنفجر حرب سوف يدفع أثمانها الباهظة، في الأحوال كلها، مدنيون عُزّل لم يكن لأي منهم ومنهن أي دور في اتخاذ قرار بدء تلك الحرب. يحصل هذا منذ فجر الخميس الماضي على أراضي أوكرانيا، وليس واضحاً في الأفق، بشكل لا لبس فيه، إنْ كانت هناك مؤشرات يمكنها أن تعزز الأمل في وقف سريع لإطلاق النار، يمهد الطريق أمام إنهاء سلمي وعاجل لحرب لم يكن ضرورياً انفجارها في الأساس.
حقاً، هل كانت هناك ضرورة لأن يشهد العالم، من جديد، مأساة لاجئين جدد؟ كلا، بالتأكيد. وهل كان ضرورياً أن تحتل مشاهد البنايات المدمَّرة شاشات التلفزيون في مختلف أنحاء الكوكب، فضلاً عن احتلالها معظم مساحات مواقع الأخبار على الإنترنت؟ أيضاً، كلا بكل تأكيد. لكن، كما حصل من قبل، تتفاقم مشكلة بدأت بسيطة، وتتعطل لغة الحوار، فتُقفل أبواب التفاهم، ولا يعود ممكناً لقاء أطراف النزاع حول طاولة مفاوضات، فينتقل الصراع إلى فوهات المدافع، وقصف الطائرات.
نعم، حاول الروس والأوكرانيون التفاوض، لكنهم فشلوا. مَن المسؤول عن ذلك الفشل؟ لن تتفق كل الأطراف في الإجابة عن ذلك السؤال. سيحمّل البعض موسكو المسؤولية، وسوف يحيلها بعض آخر إلى الممسكين بزمام الأمور في العاصمة الأوكرانية كييف. وكما في كل الحروب، تبقى الحقيقة، سواء بشأن ما يجري على الأرض، أو فيما يتم في الخفاء، هي أولى الضحايا.
بيد أن ذلك كله لن يَحول دون استمرار ويلات الحرب ذاتها، بل سوف يزيد من تأثيرات انعكاساتها على بسطاء الناس غير المسؤولين أساساً عن انفجارها. الأرجح أن يعاني الروس كمواطنين كثيراً جراء سيل العقوبات الاقتصادية، التي تتخذها دول الغرب، والتي يرى خبراء اقتصاديون كثر أنها غير مسبوقة لجهة حجمها، وتعدد مجالاتها. ثم من الواضح أن بسطاء الأوكرانيين هم الذين سيواصلون تسديد الثمن الأفدح لهذه الحرب، سواء بسبب صمودهم في الدفاع عن مدنهم، أو نتيجة اضطرار كثيرين منهم للنزوح طلباً للنجاة بأطفالهم من الموت بين الأنقاض وتحت القصف.
لقد كان ممكناً تجنب كل تلك الويلات، لو أن كل الأطراف بذلت من الجهد أكثر مما فعلت. مثلاً، هل كان مستحيلاً أن تقدم دول حلف «الناتو» ضمانات أكثر تطميناً لموسكو بشأن حرصها على عدم تهديد أمن روسيا من خلال الوجود في أيٍّ من دول جوارها، كما أوكرانيا، التي تشكل حديقتها الخلفية؟ كلا، لم يكن ذلك مستحيلاً، لو توفرت النيات الراغبة فعلاً في هكذا تفاهم. في المقابل، أما كان بوسع أهل القرار الروسي إعطاء مزيد من الوقت للتفاهم السياسي قبل الاندفاع إلى المواجهة عسكرياً؟ بالتأكيد، ذلك أمر كان متاحاً. لكن أياً من الافتراضين لم يقع، لأن الإرادة لم تتوفر، كما يبدو، لدى الطرفين. السؤال الآن: إلى متى، وإلى أين، تمضي هذه الحرب الروسية - الأوكرانية بكل ويلاتها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها الحرب بكل ويلاتها إنها الحرب بكل ويلاتها



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca