من حديث الأمير: لا يوجد لدينا من يجادل التطرف!

الدار البيضاء اليوم  -

من حديث الأمير لا يوجد لدينا من يجادل التطرف

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

الحوار الذي أدلى به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمجلة «ذا أتلانتيك» الأميركية، يجب إنعام النظر فيه وإمعانه مليّاً.
أطلق قائد الرؤية السعودية الجديدة، الأمير محمد بن سلمان، أفكاراً خصبة، ورسم طريقاً واعداً بالتغيير الحميد والجديد، وهو حين يقول فإنما يسند قوله بالفعل، فقد نبّه الصحافي الأميركي الذي سبق له إجراء حوار مع الأمير في بداية توليه المسؤولية الكبرى، بالتغيير في هذه السنوات القلائل. الأمر الذي لا يمكن لمنصف لديه أعين لا غبش فيها وقلب لا غشاوة عليه إلا أن يقرّ بالمسافة الكبرى التي اجتازتها البلاد خلال فترة وجيزة.
لماذا إذن يقاوم الرؤية من يقاومها ويحاول تعطيلها من يحاول؟
الجواب أن أي مُعادٍ للسعودية لن يسرّه أن تتجسّد هذه الرؤية مشروعاً يمشي على الأرض ويمخر عباب البحر الأحمر، ويبذر الأمل في حقول الصدور السعودية... أبداً لن يبهجه ذلك.
والأعداء كثر، وأنواع، من غرب وشرق وداخل وخارج، كل يعزف على أوتاره الخاصة.
بيد أن الذي لفت النظر لتحديد طرف من علة «محاولة» التعطيل والتكبيل لحصان الرؤية الذي يعدو ضبحاً، ويوري قدحاً ويثير نقعاً، علّة داخلية، وضع حديث الأمير الثاقب والجريء اليد عليها.
لنقرأ ماذا قال في حوار «أتلانتيك» الأخير، وهو يشرح بشفافية وسهولة الهويّة السعودية: «نحن راجعون إلى الجذور، إلى الشيء الحقيقي. إن ما حدث هو أن المتطرفين اختطفوا الدين الإسلامي وحرفوه، بحسب مصالحهم؛ حيث إنهم يحاولون جعل الناس يرون الإسلام على طريقتهم».
ثم يضيف هذه الجملة الكاشفة التي ينبغي أن تكون برنامج عمل سعودياً، بل إسلامي كبير ومتشعّب، فماذا قال؟
قال: «المشكلة هي انعدام وجود من يجادلهم ويحاربهم بجدّية، وبذلك سنحت لهم الفرصة في نشر هذه الآراء المتطرفة المؤدية إلى تشكيل أكثر جماعات الإرهاب تطرفاً، في كلٍّ من العالمين السني والشيعي».
إذن، فإن هذه الحرب، في نهاية الأمر، هي حرب أفكار و«جدل» وتنظير وصراع عقول وعراك نظريات... فأين نحن من هذا!؟
هل نملك جهازاً نظرياً وعالماً فكرياً وبيئة نقدية ومسرحاً تتجاول فيه الأفكار، تتعارك فيه الرؤى، ويحتدم الجدل، بمعناه الرفيع والعميق، ولست أعني جدل السوقة والغوغاء وأصحاب الأصوات الزاعقة!
لدينا من يؤذيه أن تشرع باب الفكر وتفتح شبابيك النقد الفسيح، لتفكك أفكار هذه التيارات التي عبثت بالمسلمين، ومنهم المجتمع السعودي، ردحاً من الزمن، و«تنازل» أفكارهم بوضوح.
مثلاً فكرة «الخلافة» واستعادة الخلافة، التي هي لبّ المشروعات المتطرفة اليوم كلها، «جماعة الإخوان» والسرورية و«القاعدة» و«داعش» وكل متفرعاتهم، وكل أجنحتهم، السياسية الناعمة والعسكرية الخشنة، وما بينهما من أطياف... هل ساحتنا الفكرية تحتفي بالنقد «العلمي» لهذه الفكرة؟ أم يغضب بعض من يدّعي أنه ضد هذه الجماعات بذريعة أن فتح النقاش الحقيقي حولها، لا يصلح، بدعوى «عدم الإثارة» أو للرغبة في «احتكار» المواجهة، على مقاييس غاية في السطحية والابتذال العلمي، كما نراه في معارك «تويتر» الجوفاء.
حوار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا، مشروع كبير، إن اشتغل العقلاء على تحقيقه فعلياً على الأرض، عنيت الجانب الفكري من الحوار... كلمات قائد كبير بالعالم الإسلامي كله... الأمر جدّ وليس هزلاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حديث الأمير لا يوجد لدينا من يجادل التطرف من حديث الأمير لا يوجد لدينا من يجادل التطرف



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca