المطلوب هو التجديد الديني أولاً وآخراً

الدار البيضاء اليوم  -

المطلوب هو التجديد الديني أولاً وآخراً

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

تَسَنَّت لي مقابلة بعض المنشغلين بحقل الفكر الديني من أساتذة وباحثين في رمضان الحالي، عبر حلقات من برنامج أقوم عليه في شبكة العربية هو برنامج (الندوة) وكان حديثنا وهمُّنا المقيم المقعد هو سؤال: الإصلاح أو التجديد الديني، ما الفرق بينهما، وما المطلوب منهما اليوم؟
تضافرت إجابات أولي الشأن بهذا الحقل، على تأكيد الفرق الكبير بين الإصلاح الديني والتجديد الديني، إذ الأول، وهو الإصلاح، يعني العودة التطهرية للأصول القديمة والنهل المباشر من النبع الأول، يعني هي مسيرة عكسية نحو الماضي المؤمثل (المثالي)، ونقطة الكمال العتيقة، والانطلاق منها مجدداً في العصر الراهن.
هذه النظرة «السلفية» لا تخص لوناً واحداً من المسلمين، فلكل طيف وطائفة سلفيته الخاصة، الشيعة والسنة، وداخل السنة تلاوين أخرى من السلفيات كما داخل الشيعة، بل حتى خارج الإسلام، فما حركة الإصلاح الديني المسيحي التي أطلقها القس الألماني مارتن لوثر المتوفى 1546م، ونظيره الفرنسي جان كالفن المتوفى 1564م، إلا عودة نحو الجذور والينابيع والمسيحية «العتيقة».
الإصلاح مرحلة مهمة نحو التغيير، لأن الإصلاح بالمعنى المشروح هنا، يحطم كثيراً من العوائق التي تكاثرت من الزمن، على الحيوية الفكرية، وراكمت عليه «الأغلال»، وعليه فهي تحرر الحركة من الأثقال، لكن دورها في تقديري يقف هنا، ليأتي دور التجديد، فالتجديد، هو نظرة للمستقبل والحاضر معاً، فنحن أبناء اليوم ورجال الغد.
المفارقة أن يصنف رجال مثل الشيخ المصري «المجدد» محمد عبده والقاسمي رجالات إصلاح سلفي وبعضهم اتهم بالوهابية مثل القاسمي، لأن هؤلاء الأعلام كانوا ضد الخرافات الصوفية وعبادة الأضرحة ودروشة الأولياء، وأبدوا إعجابهم بالإصلاح الديني النجدي، وأمثاله في العالم الإسلامي، لكنهم في الوقت نفسه، تحديداً محمد عبده، يصنفون من رجال التجديد والعقلانية.
الدكتور رضوان السيد، كان متحدثاً في (الندوة) وعبَّر صراحة عن الحاجة الماسة للتجديد، وضرب أمثلة بأنه في الماضي كان هناك رجال تجديد على قدر عالٍ من الجرأة، وفي صدمة من رضوان للتصورات النمطية، ضرب السيد المثل بعالمين من علماء الحنابلة، وهما ابن تيمية وقبله أبو الوفاء بن عقيل، والأخير لم ينصف كثيراً، وذكر رضوان برسالة نادرة لأبي الوفاء يرد بها على الشافعية الذين يرون أن السياسة هي الشرع، فقال أبو الوفاء بل السياسة هي تقدير السلطان، يعني الدولة! أو ما معناه.
وضرب مثلاً آخر عن التجديد لا يقل جرأة، وهو مثل العالم الشافعي الكبير أبي المعالي الجويني، المشهور بإمام الحرمين، الذي جزم أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقائد، ومن العقائد موضوع ملاحم آخر الزمان وأشراط الساعة، ومنها حكاية المهدي المنتظر!
تخيل حجم النتائج الكبيرة التي يمكن ترتيبها على هذه الخلاصات اليوم، والأهم من ذلك، تصور مدى جرأة هؤلاء العلماء في ارتياد أرض جديدة للتجديد، ومدى ارتعاش وتخاذل رجال العصر، رغم أن تحديات ومحفزات اليوم أضعاف أضعاف الماضي.
نحن بوقتنا هذا، في مسيس الحاجة للتجديد، فـ«ما كان الإصلاح بالاجتهاد كافياً إذن لاستعادة الانسجام بين الدين والدولة، ولا كان كافياً لبعث السلامة في علاقة المسلمين بدينهم». كما قال رضوان السيد بمقاله الأخير هنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المطلوب هو التجديد الديني أولاً وآخراً المطلوب هو التجديد الديني أولاً وآخراً



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 23:19 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

ميزة جديدة ومجانية لعُشاق "فيديوهات الفيس بوك"

GMT 16:00 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"رولز رويس" تتعاون مع "إنتل" لإنتاج سفن ذاتية القيادة

GMT 19:47 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أرخص موديلات السيارات الصينية داخل السوق المصرية

GMT 18:40 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

الشاعرة داليا زكي تتألق في ديوان سدنة العشق

GMT 06:31 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

"كمنجة وسْواكن" الستاتي تختم ليالي موازين

GMT 16:49 2015 الخميس ,18 حزيران / يونيو

"هال سيتي" يرفض عرض "إيفرتون" لضم المحمدي

GMT 02:29 2016 الأحد ,14 شباط / فبراير

الصحف البلجيكية تكشف سر المغربي طارق بن على

GMT 17:21 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

سيارة مرسيدس C63 S معدلة بقوة 616 حصاناً من كارلسون

GMT 04:02 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

بريجيت ماكرون تقود حملة على الرجال المتحرشين بالنساء علنًا

GMT 02:38 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المهندسة المعمارية فرشيد موسافي تُعلن تصميم مبنيين ملهمين

GMT 16:46 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مرض كارفاخال يبعده عن لقاءات ريال مدريد خلال تشرين الأول

GMT 03:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ممثلة سعودية تشارك في المسلسل الأميركي “جاك ريان”

GMT 21:25 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

الفنان علي ربيع يواصل تصوير فيلم" خير وبركة"

GMT 08:00 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بوسعيد يقدم الخطوط العريضة لمشروع موازنة عام 2018
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca