الطريق إلى العملة الصعبة

الدار البيضاء اليوم  -

الطريق إلى العملة الصعبة

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

لست عالما اقتصاديا، ولكننى أعرف المواقف الصعبة عندما تأتى، والأزمات عندما تحل بالدول والنظام العالمى والإنسان. وخلال الأعوام القليلة الماضية عشنا ثلاثة تطورات هامة: الأول أننا عرفنا طريق النمو والاستدامة الاقتصادية من خلال استثمارات كثيفة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا أقل من ثمانى سنوات. والثانى أننا واجهنا أزمات وتحديات عنيفة مثل الإرهاب؛ وأخرى مميتة مثل جائحة الكورونا؛ وثالثة لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل جاءت من نظام دولى عجز عن منع الحرب بين روسيا وأوكرانيا وانتهت إلى واقع ضاغط من التضخم، وأصابنا ذلك بكرب ليس قليل. التطور الثالث هو الظروف التى نعايشها اليوم ولها عقدها الخاصة المتشعبة ما بين العالمى والمحلى، ولكنها تتلخص فى الحاجة الماسة إلى مليارات من العملة الصعبة لسد أقساط الديون الخارجية، واستمرار العمل فى المشروعات الكبرى التى هى سبيلنا لتحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠، والاستعداد لما سوف يأتى من أزمات عالمية عادة ما تصيبنا بآثارها السلبية. لحسن الحظ أن التطورات الأولى لم تتوقف لحظة لا بسبب العنف، ولا بسبب الوباء، ولا بسبب استمرار الحرب الأوكرانية؛ وأنها تلعب دورا أساسيا الآن فى تحمل الضغوط الحالية والقادمة. حاليا تتحرك الدولة المصرية فى اتجاهين للتعامل مع الموقف الراهن: التفاوض مع صندوق النقد الدولى ليس فقط للحصول على قروض جديدة، وإنما أكثر من ذلك للحصول على المعونة الفنية اللازمة للإصلاح الهيكلى اللازم لتشجيع القطاع الخاص المصرى على مشاركة أكثر كثافة فى الاقتصاد المصرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية. والاتجاه الآخر هو تعبئة الموارد المحلية الخاصة والعامة فيما يتعلق بالعملة الصعبة اللازمة لمواجهة التحديات الراهنة. فى هذا التوجه الأخير يقع أمران يتوفر لهما المزايا النسبية لكى تكون لهما الأولوية فى العمل الوطنى: تنمية الصادرات، والسياحة.

ولما كنا قد تعرضنا لموضوع السياحة والثقافة الضرورية لها بعد استعارة الهدف القومى السعودى للحصول على ١٠٠ مليون سائح لكى يكون واجبا أكثر على مصر أن تحققه؛ فإن تحقيق هدف أعلنته الدولة وهو توليد ١٠٠ مليار دولار صادرات لن يقل فى ضرورته والاحتياج إليه عن الأول. النقطة الأولى هنا هى أن هناك بالفعل اتجاها تصاعديا فى الصادرات المصرية كان آخر أرقامها الذائع هو ٤٥ مليار دولار فى العام الماضى، بزيادة قدرها قرابة ٥٠٪ عن أعوام سابقة. هناك بالطبع أمور ضرورية فى كل الأحوال منها تحقيق الانفتاح الاقتصادى وتطبيق قواعد السوق الحرة كما هو ذائع فى الدول المتقدمة غربية كانت أو شرقية؛ ولكن مع تركيز لا بد منه على إتاحة فرص وحوافز أكثر للقطاعات التى تثبت بالفعل قدراتها التصديرية. وخلال الشهور القليلة الماضية برزت ثلاثة أخبار تشير إلى نجاح واضح، أهم ما فيه أنه مبشر بالزيادة إذا كان لدينا ما نزيد به. أولها يأتى فى إطار قطاع المنتجات الزراعية حيث بلغت الصادرات الزراعية أكثر من ٤.١ مليون طن بزيادة لأول مرة عن نفس الفترة من العام السابق ٢٠٢١ سواء من حيث الكمية أو القيمة. وثانى الأخبار هو إعلان المجلس التصديرى للصناعات الهندسية ارتفاع صادرات القطاع فى النصف الأول من ٢٠٢٢ لتسجل ١.٨٧١ مليار دولار مقابل ١.٤٧٧ فى نفس الفترة من عام ٢٠٢١ بنسبة زيادة ٢٧٪. ثالث الأخبار جاء من شهادة صادرة من الجهاز المركزى للمحاسبات تفيد أن إجمالى صادرات حديد عز فى النصف الأول من عام ٢٠٢٢ هو ٥١٤ مليون دولار، وهو ما يعنى أن الشركة وحدها سوف تحقق ما هو أكثر من مليار دولار الذى حققته فى العام الماضى أيضا. هذه الصادرات تذهب إلى دول عريقة فى الصناعة مثل إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وكندا والبرتغال وغيرها، مما يعنى أن القدرة التنافسية فى ارتفاع مستمر.

المعلوم عن الصادرات المصرية فى عمومها أنها متنوعة حتى تتجاوز ٨٠ سلعة، وهنا فإن تشجيع وتحفيز منتجيها سواء كانوا فى القطاع العام أو الخاص يصبح هو المسألة، بحيث يحققون، كلٌّ فى مجاله، سقوفا جديدة من حصيلة الصادرات ويكونوا مساهمين أقوياء فى تجاوز المرحلة الصعبة الراهنة. التشجيع والتحفيز هنا يشمل زيادة الكمية، وفتح أسواق جديدة، وتعزيز القدرات التنافسية بما يكفل البقاء فى الأسواق لفترة طويلة مستقبليا. أهل العلم والمعرفة فى الأمر، والحكومة فى التجربة، لدينا ولدى غيرنا، سوف يعرفون أكثر. ما يجب أن يبقى فى الأذهان دوما أن فيتنام الدولة ذات المائة مليون نسمة مثلنا (مع ثلث مساحتنا) تحقق صادرات لعدد ٣٧٨٤ سلعة قدرها ٢٦٤.٦١٠ مليار دولار إلى ٩٧ دولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق إلى العملة الصعبة الطريق إلى العملة الصعبة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca