بقلم : عوني الكعكي
فوجئت بما أوردته صحيفة «الشرق الأوسط» المحترمة والتي يملكها أبناء جلالة الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، من كلام لـ»ترامب الرئيس الاميركي» لقناة «فوكس نيوز Fox News» والذي أشار فيه الى أنه غير نادم على عدم تصفية رئيس النظام السوري بشار الأسد، وأنه كانت لديه الفرصة لفعل ذلك، ردّاً على الهجوم الكيميائي الذي نفّذته قوات النظام السوري قبل أكثر من ثلاث سنوات من الآن على مدينة خان شيخون في إدلب (شمالي سوريا).
وأضاف ترامب: «ان وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس هو من نصحه بعدم فعل ذلك، معتبراً أنه كان جنرالاً فظيعاً وقائداً سيّئاً، عمل مع الرئيس السابق أوباما الذي طرده وعمل معي فطردته، فهو لم يتمكن من القضاء على «داعش». أما أنا فقد نجحت بقتل زعيم تنظيم الدولة الاسلامية السابق «أبو بكر البغدادي» في عملية عسكرية جرت في تشرين الأول/ «أكتوبر» من العام الماضي في قرية باريشا بمحافظة إدلب».
ويتابع ترامب عنترياته فيقول: «الشيء نفسه ينطبق على قاسم سليماني» في إشارة الى قائد «فيلق القدس» الايراني السابق، الذي قتل مطلع العام الحالي في غارة أميركية استهدفت موكبه لدى خروجه من مطار بغداد الدولي، وقتل معه أبو مهدي المهندس.
ولنعد بالذاكرة الى الوراء... الى اكتشاف أميركا حين أبحر كريستوفر كولومبوس لأوّل مرّة في المحيط الأطلسي بثلاث سفن، حملت العلم الإسباني وبـ120 بحاراً، وذلك انطلاقاً من بلدة بالوس، فوصل في العاشر من تشرين الأول عام 1492 الى جزر الانتيل في أميركا الوسطى، ليتابع أمريكو فسبوشي رحلة الإكتشاف هذه. منذ اكتشاف أميركا، سيطرت على القارة الجديدة مجموعات خارجة على القانون، كما أسفرت الإكتشافات المتكرّرة عن بدء الاستعمار الأوروبي لأميركا... ووصل الفايكنغ الى جزيرة غرينلاند في أواخر القرن العاشر.
إكتشاف أميركا أدخل إليها شعوباً، نكّلت بالهنود الحمر السكان الأصليين. لقد برز مجتمع أميركي جديد، هو مجتمع الـCowboy المعروف، الذي قضى على عدد من السكان الأصليين وسيطر على القارة الجديدة سيطرة تامة... لقد عمد الاميركيون الوافدون الى أعمال بربرية ذكرها التاريخ، وقاموا بالعديد من جرائم الخطف والإغتصاب في حق السكان الأصليين، وانتشرت المافيات التي تاجرت بـ»الويسكي» الذي كان ممنوعاً، وبالمخدرات التي راجت بشكل لافت.
هذا هو المجتمع الأميركي، وبالتأكيد استثني منه اولئك الذين لم يلوّثوا أيديهم بالجرائم... ويتساءل البعض... لماذا لجأنا الى التذكير بماضٍ أميركي بعيد... لقد فعلنا ذلك لأنّ العقلية الاميركية لا تزال هي هي... من غير تعديل... والأنكى من ذلك أنّ رئيس أميركا يتصرّف باللغة نفسها، وبعقلية هي أقرب الى عقلية الـCowboy والمافيات.
على أي حال... تاريخ رؤساء أميركا تاريخ أسود شديد المرارة... إنّه تاريخ الحروب والإعتداءات والمؤامرات... فكم من الجرائم البشعة ارتكبها هؤلاء الرؤساء... فمَن منا لا يتذكر حرب ڤيتنام؟ ألم تُقْصَف الأراضي الڤيتنامية بقنابل النابالم؟ ومن منا لا يتذكر عملية إجتياح العراق، بحجّة أنه بلد إرهابي، في حوزته أسلحة دمار شامل... لقد احتلت أميركا العراق ونكّلت بأهل هذا البلد المسالم... ألم يستعملوا قنابل الـMicro wave للقضاء على الحرس الجمهوري بكل بشاعة؟ ألم يفتكوا بالفرقة العسكرية التي كانت في محيط مطار بغداد؟
كم وكم وكم من الفظائع نفذتها أميركا لإذلال الشعوب... وكم هو غريب أن تلجأ هذه الدولة العظمى التي تدّعي التقدّم، الى مثل هذه الممارسات، وهي التي وصل «إنسانها» الى القمر... أليْس غريباً أن يكون على رأس الإدارة الأميركية رجل كدونالد ترامب، يتصرّف بعقلية غريبة عجيبة... فتبرز مواقفه متردّدة غير منطقية ولا مدروسة.