أخر الأخبار

هل يرتقي برلمان الكويت إلى مستوى الحرائق المحيطة؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل يرتقي برلمان الكويت إلى مستوى الحرائق المحيطة

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الكويت (29 سبتمبر/ أيلول 2022) هي انتخابات جديرة بالتأمل من زوايا متعددة؛ أُولاها: زيادة عدد الشباب المشاركين في الانتخابات، والذين حصدوا أرقاماً مهمة أوصلتهم إلى كرسي البرلمان. أما الثانية فهي حضور المرأة بشكل أكثر حماساً ووعياً عن الانتخابات السابقة. وأما الزاوية الثالثة فهي دخول تيارات كانت مقاطعة للانتخابات من قبل، والرابعة تخص التناقص في ضخ المال السياسي الذي كان مألوفاً في الانتخابات السابقة، والذي أدى إلى نتائج تعكس شيئاً من العدالة. أما المتغير الخامس والجوهري فكان الانتخاب مربوطاً بمكان السكن أو البطاقة المدنية، والعاملان الأخيران معاً قلّلا من عملية التلاعب في الأصوات. وكانت نتيجة كل هذه العوامل تغييراً في الوجوه التي وصلت إلى المجلس بنسبة 54 في المائة.
ومع هذا التغيير يفترض أن تكون هناك مخرجات مختلفة لهذا المجلس، وتعاون أكثر مع السلطة التنفيذية المتمثلة في رئاسة الوزراء والوزراء، ولكن بالنظر إلى الخريطة العامة للمجلس، باستثناء حالة النائبتين عالية الخالد وجنان بوشهري، نجد أن جماعة «الإخوان» حصلت على ثلاثة مقاعد، والسلفيين أيضاً حصلوا على أربعة مقاعد، ومجموعة الخمسة ما زالت باقية بمقاعدها، وحصل الشيعة على ستة مقاعد؛ منهم ثلاثة من الشيعة المستقلين، أما التيارات القبلية من العجمان ومطران، والعوازم والعتبان وشمر والصفير والهواجر، فحصلوا على مقاعد تتراوح بين أربعة ومقعد واحد في حالة القبائل الثلاث الأخيرة. إذن نحن أمام مجتمع تقليدي ما زالت القبيلة تلعب فيه دوراً كبيراً.
اللافت في انتخابات الكويت كان الحوار الداخلي الغارق في المحلية، فرغم التحديات الإقليمية الكبرى التي تحيط بالكويت؛ من شبه ثورة تشتعل في إيران، وفوضي في العراق، فإن هذه القضايا التي تهدد أمن الكويت بشكل مباشر لم تحظَ بأي اهتمام يذكر. فكل طروحات المرشحين كانت حول القضايا اليومية؛ من الشؤون الاجتماعية والتعليمية والصحية، ومسألة المعارضة أو التعاون مع الحكومة من عدمه. أما القضايا الخارجية فغابت تماماً؛ مما يعكس تصوراً غريباً عن دور المجالس النيابية في قضايا الأمن القومي والعلاقات الدولية التي لم يرَ فيها المجلس السابق سوى المناكفة في قصة استجواب وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح. وفي ذلك الاستجواب كان جل الحديث عن المراقبة المالية، وكأن المجلس مستقيل تماماً عن الحديث أو تحمل المسؤولية تجاه القضايا الدولية. وفي تصوري أن هذا خلل شديد في إدراك المجلس لأهمية تحمله جزءاً من المسؤولية في قضايا الأمن القومي.
اللافت أيضاً أن حضور النائب المخضرم عبد العزيز السعدون، الحاصل على أعلى الأصوات في هذا المجلس، قد يضبط وتيرة الحديث، ويركز على اللوائح البرلمانية الصارمة؛ لتجنب حالة الفوضى التي سادت المجلس السابق. وربما كثير من الشباب الذين دخلوا البرلمان كانوا يسمعون عن السعدون وهم أطفال في المدارس، ومن هنا تأتي هيبة الرجل. وقد نرى برلماناً منضبطاً هذه المرة.
أما حضور المرأة في حالتي عالية الخالد وجنان بوشهري، وكلتاهما تمثل المتوسط الحسابي للوطنية الكويتية، فقد حقن المجلس بجرعة من الالتزام الوطني خارج المصالح الشخصية الضيقة، وقد تحدث عملية «shaming»؛ أي أن يحس النواب الرجال بالخجل حين سماع أصوات نساء أكثر حرصاً على الاستقرار، وأقل جنوحاً من الرجال.
مهم جداً أن تيار الشباب الجارف في المجلس قد ينظر حوله في دول الخليج ويرى في القيادات الشابة الجريئة نموذجاً يحتذى، خصوصاً نموذج القيادة في المملكة العربية السعودية المتمثلة في ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. وقد كان الحديث عن الأمير محمد حاضراً في معظم الأحاديث الجانبية حول علاقة المجلس بالقيادة الجديدة في الكويت. ويبدو أن هناك شبه اتفاق على أنه إنْ لم تتحرك الكويت كما تتحرك السعودية فلا بد من تصحيحٍ آخر للمسار.
انتخابات الكويت رغم بُعدها عن الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية فإن نماذج هذه الدول، من حيث اتساع مجال التغيير وسرعته، كانت حاضرة طول الوقت.
أمام الكويت تحديات كبرى أتمنى أن يدركها المجلس المقبل، خصوصاً أن الكويت دولة صغيرة وغنية تجذب الطامعين، لذلك يجب أن تكون قضايا الاستقرار وتماسك اللحمة الداخلية، وكذلك الوعي بتحديات الأمن الإقليمي، وتجنب تبعات الحرائق المشتعلة من حولها في إيران والعراق، أمراً مهماً يجب ألا تغفل عنه عيون النواب. وهذا هو تحدي البرلمان الجديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يرتقي برلمان الكويت إلى مستوى الحرائق المحيطة هل يرتقي برلمان الكويت إلى مستوى الحرائق المحيطة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 04:54 2015 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

الفنان أحمد مالك مع تامر حسنى فى " أهواك "

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته

GMT 14:00 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الإنكليزي ستيفن جيرارد يعلن اعتزاله كرة القدم

GMT 06:42 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تكشف أهمّ ملامح رحلتها إلى الأقصر وأسوان

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

هبوط اقتصادي بعد مضي سبع سنوات على ثورة الياسمين

GMT 07:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

شكوك حول الوفاة تُعيد فتح ملف مغربي في إيطاليا

GMT 14:29 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

اللون "البرغندي" يظهر جمال عينيك في ليلة رأس العام

GMT 11:40 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على 2 مليار دولار كدفعة قرض من صندوق النقد الدولي

GMT 21:24 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريب خفيف للنجم فهد العنزي بعد تعافيه من الإصابة

GMT 07:19 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 خطوات جديدة للقضاء على حب الشباب في منطقة الصدر

GMT 23:11 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

السجن المحلي في وجدة ينظم نشاطًا رياضيًا لفائدة السجناء

GMT 20:28 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المارد الأحمر يواصل انتصاراته ويفوز على المصري بثنائية

GMT 07:39 2015 الأحد ,17 أيار / مايو

مذكـرة الأحـزاب الأربـعـة

GMT 08:55 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في آيت أورير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca