إيران تحتاج إلى أسلحة متطورة... فمن يبيع؟

الدار البيضاء اليوم  -

إيران تحتاج إلى أسلحة متطورة فمن يبيع

هدى الحسيني
هدى الحسيني

انتهى حظر الأسلحة الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة على إيران؛ مما يعني أن الجمهورية الإسلامية صارت قادرة الآن على شراء وبيع المعدات والتقنيات العسكرية، وبالتالي سيسمح لها بتحديث قواتها المسلحة وتصدير أسلحتها إلى الجهات الفاعلة المناهضة للولايات المتحدة ومنافسيها الإقليميين، مقابل المال الذي تشتد حاجة إيران إليه. لكن هناك مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية تجعل من الصعب على إيران الوصول إلى سوق السلاح العالمية شارياً أو مورداً، ومع ذلك فقد تنخرط بعض القوى في تجارة الأسلحة معها، فيؤثر هذا على العلاقات الدبلوماسية في الشرق الأوسط لسنوات مقبلة.

كانت الأمم المتحدة فرضت حظر السلاح على إيران بموجب القرار 2231 عام 2015 في ظل الاتفاق الذي وقّعته إيران مع الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا حول البرنامج النووي الإيراني، والذي بموجبه تم رفع العقوبات الاقتصادية تدريجياً عن إيران، بعدما أشرف المفتشون الدوليون على تفكيك المنشآت المتعلقة بتطوير الأسلحة النووية.

عام 2018 سحب الرئيس دونالد ترمب أميركا من الاتفاق، معتبراً أنه غير كافٍ لعرقلة طموحات إيران النووية بالكامل، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية، لا سيما على قطاع النفط الذي تعتمد عليه إيران. وهكذا انزلقت إيران في ركود حاد تفاقم بسبب جائحة كورونا. لم يحدث أي تطور نحو اتفاق نووي جديد، لكن في غضون ذلك انتهى حظر الأسلحة الذي كان حدده قرار الأمم المتحدة. نظرياً، هذا يعطي الحرية لإيران لشراء وبيع أنظمة الأسلحة والتكنولوجيا المتعلقة بالدفاع، مع العلم أن الولايات المتحدة تذكر أن جميع العقوبات عادت على إيران بسبب بند snapback الملحق بالاتفاق النووي إذا أخلت إيران به. ومع ذلك ترفض دول أخرى هذا التفسير على أساس أن الولايات المتحدة تخلت عن أي حق في تفعيل الآلية عندما انسحبت من الاتفاق النووي.

على أي حال ستفرض الولايات المتحدة قيوداً أحادية الجانب على قطاع التسليح الإيراني، وهذه ستحل في الواقع محل إجراءات الأمم المتحدة؛ لذلك سيكون الخوف من إدراجها أميركياً على القائمة السوداء كافياً لردع معظم الدول وشركات السلاح عن التعامل مع إيران، لكن قد لا يتم ردع كل البلدان.

إيران في حاجة ماسة إلى أسلحة حديثة. فهي كانت ذات يوم موالية للغرب، لكنها اليوم تخضع لقيود على تجارة الأسلحة منذ ثورة 1979 التي أوصلت نظام الملالي إلى السلطة. منذ ذلك الوقت لم يعد بإمكانها الوصول إلى أي أسلحة أو معدات غربية بشكل قانوني. لديها اليوم منصات قديمة متأثرة بالنقص المزمن في قطع الغيار، وتتكون بقية ترسانتها من أسلحة سوفياتية - روسية أو صينية قديمة، ونسخ معادة الهندسة من المنصات الغربية ومعدات محلية ذات فاعلية محدودة. أما أنظمة «الجيل الثاني» الخاصة بها فهي كناية عن مجموعة من قطع الأجهزة الموجودة لديها. لكنها قادرة على التكيف من خلال اعتماد استراتيجية منع الوصول إليها القائمة على استخدام عدد كبير من الصواريخ الرخيصة والفعالة، والألغام البحرية والسفن، فضلاً عن القوات الخاصة والعمليات السيبرانية. إنما لا يزال الجيش الإيراني في حاجة ماسة إلى تحديث معداته. ومع ذلك، فإن رفع الحظر وحده لن يكون كافياً للقيام بهذا التحديث العسكري الضروري. أولاً هناك عدد قليل جداً من الدول راغب في تجاهل الموقف الأميركي وبيع الأسلحة إلى إيران. روسيا والصين هما الموردان الأكثر وضوحاً. كلتاهما سلمت عتاداً عسكرياً لإيران في الماضي، والاثنتان قويتان بما يكفي لتحمل العقوبات الأميركية، وعلاوة على ذلك بصفتهما منافستين رئيسيتين لأميركا، ستكونان سعيدتين بالمزيد من تعقيد الحسابات الاستراتيجية لواشنطن من خلال تعزيز القدرات العسكرية الإيرانية في الوقت الذي تزيدان من نفوذهما على الدولة ذات الموقع الاستراتيجي والغنية بالنفط.

لكن هناك عائقاً أكثر خطورة بالنسبة إلى إيران: نقص السيولة الناتج من العقوبات المفروضة على قطاع النفط، وحتى يتم رفع العقوبات، لن تمتلك طهران ببساطة المال لشراء أنظمة الأسلحة التي هي في أشد الحاجة إليها من روسيا أو الصين، لكنها باهظة الثمن، مثل المقاتلات الروسية «إس. يو 30»، أو دبابات «تي - 90»، أو نظام الصواريخ «إس - 400» أو «ك 300 باستيون - ب» للدفاع الجوي والبحري؛ لذلك فإن المشتريات ستمضي ببطء.

موردون سابقون للأسلحة إلى إيران مثل بيلاروسيا وأوكرانيا ليس لديهم الكثير لتقديمه. إذ من غير المرجح أن ترغب أوكرانيا في بيع أي أسلحة إلى إيران هي التي تحتاج إلى دعم أميركا في حربها ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا في دونباس. يقول مرجع غربي، إن رفع الحصار طريق ذو اتجاهين؛ إذ هناك احتمال قيام إيران بتصدير معداتها العسكرية الخاصة وكسب بعض الاحتياطي الأجنبي هي في أشد الحاجة إليه. لكن هناك عدداً قليلاً جداً من العملاء المحتملين، وهذا لا يشمل إمداداتها التقليدية غير المشروعة لمجموعات فاعلة غير حكومية أنشأتها هي، مثل «حزب الله» في لبنان، والمتمردين الحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق، وبعض المجموعات المسلحة الأفريقية.

في الماضي زودت إيران سوريا، والسودان، وفنزويلا بالسلاح، وعلى الرغم من أن هذه الدول قد لا تزال لديها الإرادة السياسية لاستيراد أسلحة إيرانية الصنع، فإنها جميعها تتمزق في أزماتها المحلية واقتصاداتها المنهارة.

يقول محدثي، يمكن أن يكون الزبون الجيد الوحيد للأسلحة الإيرانية هو قطر. دولة غنية جغرافياً وسياسياً قريبة من إيران؛ ولأن هناك عداءً بينها وبين الدول الأخرى في المنطقة، فإن النظام القطري لديه الوسائل والأسباب لشراء الأسلحة الإيرانية، على الرغم من قدرة قطر على تحمل تكاليف أنظمة أغلى ثمناً ومتقدمة تقنياً من دول أخرى. لذلك؛ هناك احتمال أن تشتري قطر أنظمة إيرانية في المستقبل.

وحسب محدثي، هناك أيضاً دولتان اخريان يمكن أن تتحولا إلى زبونين أو موردين لإيران أو أن تلعبا الدورين. الأولى هي كوريا الشمالية التي باعت أسلحة لإيران في الماضي. ومع ذلك؛ كونها لا تزال هدفاً لحظر الأسلحة الخاص بها، فلن يُسمح لبيونغ يانغ بتسليم أي أسلحة بشكل قانوني إلى طهران، ومع ذلك يمكنهما الانخراط في صفقات غير مشروعة، لا سيما من خلال تبادل التقنيات المتعلقة بالصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، وهما تفعلان هذا حتى الآن.

الأخرى هي تركيا، إن شراءها منظومة الصواريخ الروسية «إس - 400» كشف عن أنها لا تتوقف عند غضب واشنطن بشراء أسلحة من منافسيها، لكن الصحيح أيضاً أنها تواجه أزمات اقتصادية قد لا تكون ملحّة كالمشاكل الإيرانية. ثم إن تركيا وإيران دعمتا قطر في خلافها مع المملكة العربية السعودية. وفي الديناميكية الجيوسياسية المعقدة للشرق الأوسط، تعارض كلتاهما السعودية؛ لذلك يمكن لتركيا تزويد إيران بالمركبات المدرعة والدبابات والمروحيات وحتى السفن، وبالمقابل تسلم الأنظمة التي تخصصت فيها الصناعة الإيرانية، بما في ذلك الطائرات من دون طيار، والغواصات الصغيرة، والألغام البحرية وربما الصواريخ المضادة للطائرات والسفن، وحتى الصواريخ الباليستية، جميع المنصات التي من شأنها أن تكون مفيدة لتركيا في تحركاتها الاستفزازية في شرق البحر المتوسط. وبسبب حاجة إيران إلى الأسلحة من المحتمل أن تتوصلا إلى صفقة أسلحة تركية بسعر مناسب مقابل توفير مساحة أكبر للمناورة في سوريا. لكن هناك روسيا بالمرصاد للدولتين.

إن إنهاء حظر الأسلحة لن يمنح إيران حرية الوصول إلى سوق السلاح العالمية، فلا قدرتها الشرائية تسمح، وليس هناك في المقابل أطراف مستعدة للمخاطرة بتلقي الغضب الأميركي. ثم طالما بقيت العقوبات على قطاع النفط سارية، ستفتقر إيران إلى الموارد المالية لتحديث جيشها وتطوير صناعتها الدفاعية، من هنا سيكون لانتهاء الحظر تأثير محدود على ميزان القوى الإقليمي. لكن كما يقول محدثي، ينبغي النظر في احتمال إبرام إيران صفقات عسكرية مع قطر وخاصة مع تركيا. إذا حصل هذا سيقترب البلدان أكثر من إيران، وستتدهور علاقاتهما أكثر مع الدول الخليجية والقوى الإقليمية الأخرى، وكذلك مع الولايات المتحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تحتاج إلى أسلحة متطورة فمن يبيع إيران تحتاج إلى أسلحة متطورة فمن يبيع



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca