قصور.. (قصور الثقافة)!!

الدار البيضاء اليوم  -

قصور قصور الثقافة

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

 

الثقافة هي الدرع الواقية التي تحمى الوطن من أعداء الحياة. يحاولون اختراق روح الشعب الذي يمارس الوسطية مع كل تفاصيل وطقوس الحياة، يدفعونه إلى التطرف بكل تنويعاته، الثقافة هي التي تضمن لنا التعايش مع التعددية وقبول الآخر في الجنس والدين واللون والعرق. عندما تغيب هذه القيمة أو يتم التعتيم عليها، فقل على الدنيا السلام.

أتصور أن من أوائل الأهداف التي يجب أن تجد لها مكانا على أجندة وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلانى التي حملت المسؤولية بعد د. إيناس عبدالدايم- التي أخلصت في السنوات الخمس بقدر ما هو متاح- كان آخر الأحلام مشروع (سينما الشعب)، استند إلى دور العرض التابعة للثقافة الجماهيرية، العدد يتجاوز رقم 500 قصر، تعود أغلبها إلى حقبة الستينيات، عانت قطعا من الإهمال- مثل الكثير من مظاهر الحياة- في الصيانة أو التحديث، وتضاعفت التكاليف، إلا أنها تعتبر البنية التحتية لأى حلم تسعى الدولة لإنجازه.

إعادتها للحياة أراه مشروعا قوميا، وليس فقط مشروعا لوزارة الثقافة، وفى ظل ما نراه من تقليص للميزانية يصبح التوجه لمشاركة القطاع الخاص أحد الحلول التي يجب وضعها في الاعتبار، وفق شروط تحافظ على الرسالة كما تريدها الدولة، وفى نفس الوقت تحفز القطاع الخاص على المشاركة، وهى معادلة لا أراها أبدا مستحيلة.

البعض يطرح بديلًا أرخص، قصور الثقافة الافتراضية، لأننا نعيش في زمن (الديجيتال). لا أنكر أهمية أن يكون لدينا خط موازٍ للواقع، ولكن في نفس الوقت لا يمكن أن نضحى باللقاء المباشر أو ننحيه جانبًا، لن نعيش أو حتى نتعايش دون لقاءات مباشرة، كلنا- مع اختلاف الدرجة- تعاملنا مع الحياة الرقمية، وفى عز جائحة كورونا، كانت تلك اللقاءات هي الوسيلة الأساسية، في لقاءات رؤساء الدول، حتى المهرجانات الكبرى كان بعضها يمارس فعالياته عبر (سكايب) و(زووم)، وبعد أن هدأت قليلا الجائحة لن ننحيها جانبا، إلا أن الواقع سيظل هو الواقع.

تحديث قصور الثقافة هو الخرسانة المسلحة التي تحفر في الأعماق، ومن أجل أن نبنى لأعلى ونضيف طوابق جديدة، يجب أن نتأكد أولًا من متانة العمق الاستراتيجى.

ملفات عديدة تنتظر الوزيرة د. نيفين الكيلانى، ومن المؤكد أن الرقابة واحدة منها تحتاج أيضا إلى تحديث، الأمر ليس له علاقة برئيس الرقابة الحالى د. خالد عبدالجليل، ولكن بالمنظومة كلها.. قبل نحو 8 سنوات، أقر الوزير الأسبق د. جابر عصفور قرار التصنيف العمرى، الذي يطبق في العالم قبل نحو 60 عاما، وهو يعنى ببساطة أن العصمة صارت بيد الجمهور، الدولة فقط دورها أن تحدد الفئة العمرية، إلا أن جهاز الرقابة الحالى غير مؤهل للقيام بتلك المهمة، المفروض أن تستعين الرقابة كما يحدث في العالم بمتخصصين من أساتذة علم نفس واجتماع لتحديد المواصفات العمرية، كما أنه في هذا الزمن ينبغى ألا نستخدم توصيف رقابة بكل ظلاله السلبية، يطلق عليها (تنظيم عروض)، كلمة الرقابة تعيدنا سنوات للخلف دُر.

السينما أيضا كانت قبل نحو 7 سنوات وقبل تعويم الجنيه لديها سنويا 25 مليون جنيه، تساهم من خلالها الدولة في دعم عدد من الأفلام التي تستحق أن تصبح عناوين لنا في الداخل والخارج، حدث خطأ قانونى ولم تتم تسوية آخر ميزانية، فتوقف الدعم تماما.

نعم.. ستكتشف أن بعض الأفلام غير المستحقة حصلت على أموال، وبعضها أيضا لم يلتزم بشروط الاتفاق.. هذه الأخطاء وغيرها يجب وضع قواعد لتلافيها، إلا أنها ليست مبررا مقبولا لتوقف الدعم، على شرط أن يذهب لمستحقيه، ولا يزال الملف مفتوحا!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصور قصور الثقافة قصور قصور الثقافة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 17:54 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 08:43 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عدد جديد من المجلة الكويتية الفكرية المحكمة «عالم الفكر»

GMT 06:30 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

نهاية بادي تغوص داخل أعماق النفس البشرية في "حمامة سلا"

GMT 04:52 2013 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الحجاب يزيد من جمال المرأة

GMT 19:32 2015 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

مكب قديم للنفايات يكشف عن خاتم الملك اليهودي حزقيا

GMT 09:53 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"الكهرباء المصرية" 12 ألفًا و500 ميغاوات زيادة متاحة عن الحمل

GMT 20:11 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

"طائرة بدون طيار" تُحدِث هلعًا في أشهر فنادق المغرب

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"زيت الجرجير" يمتلك فوائد مُدهشة لجميع أنواع الشعر

GMT 06:18 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

استمتع بالمناظر الطبيعية الرائعة في دول البلطيق

GMT 08:49 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

سقوط أمطار على محافظة تيماء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca