«أنت عمري» أغنية صوفية؟!

الدار البيضاء اليوم  -

«أنت عمري» أغنية صوفية

طارق الشناوي
طارق الشناوي

كثير من الأعمال الأدبية والفنية يحلو للبعض قراءتها على غير ما قصده مبدعوها، هل ينطبق الأمر نفسه على صانع العمل؟ أحياناً يكتشف بعد مرور الزمن، شيء ما كامن لم يكن أصلاً يرمي إليه.

من أشهر أغانينا ولها مساحة خاصة في تاريخنا الموسيقي «أنت عمري»، التي حققت نجاحاً مدوياً عام 1964، ولا تزال، جمعت لأول مرة بين صوت أم كلثوم وموسيقى عبد الوهاب، وصفوها، بـ«لقاء السحاب». تردد أن جمال عبد الناصر أصدر أوامره للعملاقين باللقاء، فلم يستطع أي منهما سوى تنفيذ قرار الرئيس. رأيي الشخصي أن تلك قصة مختلقة، إلا أن هذا ليس هو موضوعنا، الطرف الثالث في الأغنية الشاعر الغنائي الكبير الراحل أحمد شفيق كامل، التقيت به كثيراً منذ منتصف الثمانينات، بعد أن أعلن اعتزاله، بل وندمه على كتابة الأغاني العاطفية، معتقداً أنها حرام، وقرر الاكتفاء فقط بكتابة الأشعار الدينية والوطنية. روى لي أنه كان قد منح عبد الوهاب كلمات أغنية عاطفية جديدة لتغنيها وردة، وكان من عادة عبد الوهاب السفر إلى باريس في شهور الصيف وينزل عليه الإلهام في الفندق الذي يقيم فيه بشارع «الشانزلزيه»، اتصل به شفيق كامل يرجوه ألا يلحن الكلمات العاطفية وسوف يرسل له بدلاً منها أغنية دينية.

أخبرته السيدة نهلة القدسي زوجة عبد الوهاب، أنه قد نسي أساساً أن يصطحب معه الكلمات في حقيبته، اعتبرها شفيق كامل إرهاصة من السماء، تؤكد تحريم تأليف الأغاني العاطفية!!

أشعار أحمد شفيق كامل التي أبدعها لأم كلثوم تتنافس في جمالها مع «أنت عمري»، مثل «الحب كله» و«أمل حياتي»، ولديه رصيد ضخم من الأغاني الوطنية مثل «قلنا ح نبني وادي احنا بنينا السد العالي» و«مطالب شعب» و«يا نسمة الحرية» و«وطني حبيبي الوطن الأكبر»... كل هذه الأغنيات وغيرها شهادات تضع شاعرنا بالفعل فوق السحاب!!

وافق أحمد شفيق كامل أن يطبع أغنياته بين دفتي كتاب، وبعد جهد مضنٍ من الكاتب الروائي الكبير خيري شلبي، لإحساسه أن كلماته لا تستحق التوثيق، رغم أنك عندما تقرأها تكتشف إلى أي مدى أن الكلمة، بعيداً حتى عن النغمة والأداء، ثرية ومفعمة بكل الأحاسيس، إنه القائل مثلاً أروع كلمات الحب «ابتديت دلوقتي بس أحب عمري... ابتديت دلوقتي أخاف... لا العمر يجري».
سعدت جداً بالدراسة العميقة، المليئة بالطرافة، التي كتبها خيري شلبي كمقدمة لكتاب «أحمد شفيق كامل أنت عمري» أصدره قبل بضع سنوات، ذكر فيها أن أحمد شفيق كامل شاعر صوفي صرف، وجميع أغنيات الحب التي غنتها أم كلثوم من تأليفه سواء من تلحين عبد الوهاب أو بليغ حمدي، إنما هي أغنيات عشق صوفية، وما الحبيب فيها سوى الله عز وجل.
استمعت مجدداً إلى كلمات أغاني شاعرنا الكبير، وقرأتها عشرات المرات، وتأكدت بما لا يدع مجالاً لأي تفسير آخر، أنها لا تحمل أي معانٍ صوفية، ولكنها مغرقة في الرومانسية «صالحت بيك أيامي... سامحت بيك الزمن... نسيتني بيك آلامي... ونسيت معاك الشجن».

هل من الممكن بعد ذلك أن نصدق أن هذه كلمات صوفية؟ أتذكر أنني التقيت الشاعر الكبير، قبل رحيله ببضعة أشهر، وسألته هل لا تزال قناعته كما هي لم تتغير؟ جاءت إجابته قاطعة أنها أغانٍ صوفية!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أنت عمري» أغنية صوفية «أنت عمري» أغنية صوفية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca