«باتمان» على الطريقة الإيرانية.. «العنكبوت المقدس».. يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر!

الدار البيضاء اليوم  -

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس».. يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر!.

لأول مرة تشاهد فيلما إيرانيا به كل هذه المشاهد التي نصفها عادة بالجريئة، في تصوير العلاقة الحميمة بين المرأة والرجل. قائمة الممنوعات في إيران متعددة ولا تسمح بخلع الحجاب حتى لو كان المشهد المطلوب هو تقديم امرأة في منزلها ومع أبنائها، كما أن العنف والدماء عليهما خطوط حمراء.

المخرج الإيرانى عندما يقدم عملا فنيا، حتى خارج حدود بلاده، يلتزم عادة بـ(الكود) الأخلاقى المعمول به في الدولة.. ومن نعتبرهم معارضة، لا يضعون أنفسهم في مرمى نيران الدولة، لأنه بمجرد عودته سيتعرض للمساءلة.. سبق قبل نحو 25 عاما أن واجه المخرج الراحل عباس كيروستامى سيلا من الانتقادات لمجرد أن رئيسة لجنة التحكيم في (كان) إيزابيل أدجانى عام 1997 قبلته بعد حصوله على جائزة السعفة الذهبية عن فيلمه (طعم الكرز)، وتناسوا أنه حقق واحدة من أهم الجوائز طوال تاريخ إيران، انتقدوه لأنه لم يرفض قبلة (أدجانى).

فيلم (العنكبوت المقدس) الذي يمثل السينما الإيرانية في (كان) هذا العام إنتاج مشترك مع الدنمارك، حيث إقامة المخرج على عباسى، الذي شارك في الكتابة والإنتاج، ومن المؤكد أن كل فريق العمل من الممثلين يقيمون في الخارج، فلا يمكن افتراض أن فنانا إيرانيا يشارك في فيلم يحمل توقيع مخرج معارض، محطما كل الاعتبارات المعمول بها هناك، ويعود بدون محاكمة.

أغلب المهرجانات الكبرى لا تقدم في برامجها- إلا فيما ندر- سوى الأفلام التي تقدمها الأسماء المستقلة عن الدولة.. إيران لا تسمح بالعمل إلا لمن ترضى عنه، كما أنها تتعنت كثيرا في التصريح بالتصوير، ولدينا أكثر من مخرج، مثل جعفر بناهى ومحمد رسولوف، ممنوعون من السفر خارج الحدود، بل ممنوع عليهم أيضا ممارسة المهنة، رغم أنه بين الحين والآخر تسافر أفلامهم للمهرجانات، بينما هم لا يسمح لهم بالمغادرة.

فيلم (العنكبوت المقدس) حالة مختلفة، واضح من العنوان أنه مستوحى من الفيلم الأمريكى الشهير متعدد الأجزاء (الرجل العنكبوت)، الفيلم الأمريكى يدفعك للتعاطف مع العنكبوت، لأنه يتدخل عادة لتحقيق العدالة، العنكبوت الإيرانى، مؤكد أن أغلب من يشاهده لن يتعاطف مع قاتل، مهما كانت له من مبررات، إلا أنه داخل إيران هناك من انحاز إليه وتبنى موقفه، وهذا هو تحديدا سر تقديم الفيلم بعد أكثر من عشرين عاما مضت على الواقعة الحقيقية، ولهذا منحه المخرج على عباس صفة (المقدس) لأنه يشنق النساء تحت غطاء من القدسية والمباركة الدينية كما يفهمها هو، فهو يطبق ما يرى أنه يعبر عن شرع الله، من خلال مفهومه للدين، يطهر المجتمع من بنات الليل، ولهذا يستقل (موتوسيكل) ويتفق مع عاهرة على الأجر، يذهب معها إلى شقته، وهناك يشنقها مستغلا تفوقه الجسدى، ثم يضعها داخل سجادة ويلقى بها في مكان مهجور، ويعاود نفس السيناريو أكثر من مرة كلما واتته الفرصة، وقتل 16 ضحية.. ونأتى للضحية رقم 17، التي كشفت غموض الجريمة، إنها الصحفية التي قررت أن تمسك بخيوط الجريمة، تذهب لقسم الشرطة وتقرأ كل الملابسات، ويفضح الفيلم تواطؤ رجل الشرطة الذي يحاول أن يراودها عن نفسها، وتهدده بالاتصال بالشرطة فيرد عليها متبجحا: (هل تشكين الشرطة للشرطة؟).

يقدمها المخرج على طريقة أفلام التشويق الأمريكية، تتقمص شخصية فتاة الليل، وتضع مكياجا صارخا، ويلتقط الطعم (العنكبوت المقدس)، ويتم إلقاء القبض عليه، عاقبه القضاء بالشنق وقبلها بـ 100 جلدة، شاهدنا تمثيلية عندما أغلقت عليه حجرة وبدأ يتصنع الألم ويصرخ طالبا الرحمة بينما كل الضربات يتلقاها الحائط، اتفقوا معه من الباطن أن يحصل على البراءة في نهاية الأمر، (الملالى) في إيران، يؤيدون موقفه وعليه أن يتحمل قليلا السجن ولا يشى لأحد بالاتفاق، ولم تكن تلك سوى أيضا خدعة حتى يخففوا عنه كوابيس انتظار الإعدام، يقدم كشخصية متدينة يصلى كل الفروض وكثيرا ما يداعب ابنته التي تعتلى ظهره أثناء الصلاة، كما أنه مخلص لزوجته، وهو مقتنع تماما أن الله يبارك كل جرائمه، فهو يقدِم عليها فقط لمرضاته.

تأتى نهاية الفيلم محذرة من أن القادم أسوأ عندما نرى فيديو ابنه وابنته يعيدان تقديم الجريمة بأداء تمثيلى يملأهما الإحساس بالفخر، دلالة مباشرة على أن المجتمع أو قطاعا منه يعتبر القتل في هذه الحالة فعلا مقدسا تباركه السماء.

الفيلم سينمائيا لا يمتلك الكثير من الطموح، لجأ للإطار التقليدى في رحلة الصحفية لكشف الغموض، المخرج نجح في ظل تلك الدائرة (الكلاسيكية) في أن يقدم أحداثه في إطار التشويق، كما أنه نجح في فضح المؤسسة الدينية، لا بل إن في التقييم الفنى ينبغى أن تملك ما هو أبعد من ماذا تقول إلى كيف تقول، ولا أجد إضافة أو خصوصية في أسلوب التناول.

أهم ما كشف عنه الفيلم قدرته على قراءة عميقة للمجتمع، مشيرا إلى أن الجيل الجديد المتمثل في ابن وابنة القاتل مقتنعان وفخوران بأبيهما البطل، كما أنه قدم القاتل في لمحات إنسانية محبا لطفليه ولزوجته، مقتنعا بأن ما يفعله هو عمق الإيمان، ولهذا نراه يمارس الجنس مع زوجته بكل سعادة وفخر، بينما جثة إحدى الضحايا بالغرفة مغطاة بالسجادة.

الحالة السينمائية لا تحمل ومضات إبداعية تفتح الباب للجان التحكيم لمنح جائزة، وأتصور أيضا أن تواجد المخرج الإيرانى الشهير أصغر فرهدى كعضو لجنة تحكيم ربما يلعب دورا عكسيا، لأنه في حالة حصول (العنكبوت المقدس) على جائزة قد تعتبر في إيران سلاحا يطعن به فرهدى، فهو من المخرجين الذي يقفون بعيدا عن الدولة، ولكنه قطعا لا يعاديها، وأفلامه في السنوات الأخيرة تنتج خارج الحدود، إلا أنه لا قيود تواجهه، فهو يقدمها في أغلب تفاصيلها طبقا (للكود) الإيرانى، بينما على عباسى حطم هذا الكود وذهب بعيدا عن كل الممنوعات بـ(العنكبوت)!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر «باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca