مدن الإسلام: عهد المرابطين

الدار البيضاء اليوم  -

مدن الإسلام عهد المرابطين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في أثناء عهد المرابطين، تمت إعادة هندسة الجامع بصورة كاملة في العام 1135، فارتفع عدد الصفوف فيه إلى 21 صفاً، وتوسع ليستوعب نحو 22.000 مصلٍّ، وتضاعفت مساحته أكثر من أربع مرات إلى ما يقارب 6.000 متر مربع. وازداد عدد الأعمدة المتوازية في داخله لدرجة أنه أدى إلى تداول قول محلي: «من يرغب بعد بإعلاء القرويين، يفقد عقله». واليوم، بعد مرور نحو 1200 عام على تأسيسه، ما زال الجامع يُعرف عالمياً بكونه «أقدم مؤسسة تعليمية قائمة في العالم».
ودرس في هذه المؤسسة القروية أعظم العقول في العصور الإسلامية الوسطى. في القرن الثاني عشر، درس فيها العالم اليهودي الموسى بن ميمون، وهو أبرز فلاسفة القرون الوسطى اليهود. كان أحياناً يمارس الطب في بيت صلاح الدين الأيوبي. وكذلك درس معه «أعظم المعلمين» ابن العربي، المتصوف الأندلسي والشاعر والفيلسوف. وابن الخطيب، الموسوعي الغرناطي والمؤرخ والطبيب والسياسي المنفي، أتى إلى القرويين في القرن الرابع عشر، إلى جانب زميله المعجزة والشاعر والسياسي، ابن زمرك، وابن مرزوق. وفي القرن الرابع عشر أيضاً، تميز ابن خلدون العظيم عن معاصريه جميعهم، وهو المؤرخ الرائد، ومؤلف الكتاب السباق «المقدمة»، وأبو علم الاجتماع والتاريخ العالمي، ومحب السياسة، وأكثر الطلاب القرويين تميزاً على الإطلاق. أما في القرن السادس عشر، فدرس في المكان نفسه ابن الوزان، دبلوماسي أندلسي، ورحالة وكاتب، يُعرف في الغرب باسم «ليون الأفريقي»، عاش حياةً تشردية، وترك بعدها وصفاً طويلاً ومفصلاً للغاية عن مدينة فاس. وأكثر ما أدهشه فيها حجم جامعة القرويين الذي كان يحتاج، حسب قوله، إلى 900 مصباح زيتي لإضاءته كل ليلة. كان قطره من ميل ونصف الميل، وله 31 بوابة كبيرة دائر مداره. وفي بعض المؤلفات التي كتبت عن فاس، يذكر أن من الطلاب القرويين في القرن العاشر كان جربرت فون أورياك، أي من أصبح لاحقاً البابا سلفستر الثاني، ولكن ليس هناك دلائل قاطعة على ذلك.
والجامع الآية أسسته امرأة في القرن التاسع عشر، رممته امرأة أخرى في القرن الحادي والعشرين، تحديداً في العام 2012، وهي المهندسة المغربية – الكندية عزيزة الشاوني.
وفي السنوات الأربع التالية، تم إدخال تكنولوجيات جديدة دقيقة جددت المكتبة. وتقول الشاوني «لم أشأ أن يتحول المبنى إلى جثة محنطة. كان من المهم إيجاد توازن رفيع بين الحفاظ على المساحات الأصلية، وتلبية احتياجات المستخدمين الحاليين، لا سيما الطلاب منهم، والباحثين والزوار، وإدخال التكنولوجيات الجديدة المستدامة – الألواح الشمسية، وجمع المياه من أجل ري الحدائق، إلى آخره. «وقد استطاع، حتى الآن، نظام الصرف الصحي الجديد مع قنوات تحت الأرض أن يحل مشكلة الرطوبة. وتحمي الأقفال الرقمية مداخل الغرف التي توجد فيها الكتب النادرة، فيما يتحكم نظام التكييف بمستويات الرطوبة التي أدّت إلى ضرر كبير في الماضي.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن الإسلام عهد المرابطين مدن الإسلام عهد المرابطين



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca