أهل الكهف

الدار البيضاء اليوم  -

أهل الكهف

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تعاني الدولة اللبنانية من مرض اسمه الحنين إلى الماضي. يضايقها الحاضر ويفزعها التفكير في المستقبل. دولة رومانسية شغوفة بالقديم. الأنتيكا. وتخطو كل يوم خطوة إلى الخلف.
بعزم وصدق، بدأت رحلة العودة إلى الينابيع، بتقنين الكهرباء. ولما شعرت أن اللبنانيين فرحوا بالظلمة فرحاً عظيماً، عمَّمتها، حالكةً دامسةً. فقالت (الدولة) في نفسها: لماذا لا نقطع المياه ويكون الفرح أشمل وأعمّ؟! فقطعتها كذلك. وقطعت الأدوية. والبنزين. والمؤن. وظهر رئيس الجمهورية على التلفزيون مختالاً في حقل باسماً للشجر، ضاحكاً للصخور، وهو يدعو الملأ إلى زرع الكلأ. واستشاط اللبنانيون حباً، وأنشدوا نشيد «الشجرة» الرسمي، الذي تعلموه أطفالاً... للتذكير:
جنة في وطني - من صباح الزمن - تملأ الأرض اخضراراً - والسماوات افتراراً.
ثم جاء دور الخبز، فلم يعد هناك خبز. وكلما اقتربنا من حياة الكهوف ازدادت حمّى الطرب. وكثرت الكليبات المؤثرة. وكان أشهرها كليب ترتمي صاحبته على الأرض على طولها، أي طول الأرض، وهي تغني: بيكا بيكا بيكا - نحن بلاد الأنتيكا. وترد الجوقة: بيكو بيكو بيكو - الله يرحم أبوكو.
ونزل الأطفال إلى الشوارع يهتفون لإغلاق المدارس ويطالبون بطرد من بقي من معلمات ومعلمين وناظرين. وطالبت مظاهرة أخرى بإقامة نصب لوزراء الطاقة ووزير العتم. وهتف السجناء بحياة الدولة بعدما تساوت العدالة، والذي في الداخل مثل الذي بقي خارجاً، حَرَّ وقَرَّ وإلى أين المفر.
في هذا الجو الخافقُ المخفوق من الحبور والسرور وأبهى الشعور، تذكّر أحد أركان الجمهورية أن ثمة نقصاً رهيباً في استكمال نعمة الكهوف، وقام سريعاً إلى إطفاء الإنترنت. وبعد قليل أدرك اللبنانيون ما حدث عندما فقدوا كل صلة بالعالم، أما الصلات فيما بينهم فلا وجود لها منذ أن اخترع المستر «بل» الهاتف، وأعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير. خي! لا إنترنت ولا صحف ولا قراءات. الاتصال الوحيد بما بعد الكهف (ب.ك) هو فتاة الكليب مستلقية على الأرض ومن حولها الرقاصات والرقاصون وأعضاء الجوقة يزلغطون طرباً:
بيكي بيكو بيكا بيكا
عاش عصر الأنتيكا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهل الكهف أهل الكهف



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca