وماذا لم تبدأ كاترين!

الدار البيضاء اليوم  -

وماذا لم تبدأ كاترين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تعطيك لندن عنوان مكتب شرطيها الشهير، شرلوك هولمز، حيث عاش وعمل وحل ألغاز الجرائم الكبرى مع صديقه الدكتور واطسون. وسار وراء العنوان ألوف البشر، مع أنهم جميعاً يعرفون أن هولمز شخصية لم توجد إلا في مخيلة مؤلفها آرثر كونان دويل.
وتعرض عليك دبلن جولة يوم كامل في الأماكن التي ذهب إليها ليوبولد بلوم بطل «وليس»، إحدى أشهر روايات الحداثة، وأهم أعمال جيمس جويس. ولكن ليوبولد بلوم ليس سوى ذريعة سرد هائلة من أجل وضع عمل نادر، كان صاحبه يجهل تماماً أنه سوف يصبح من علامات الأدب العالمي.
رواية دوستويفسكي «الجريمة والعقاب»، تعد أهم أعماله وأهم أثر في أدب الجريمة. وقد صدرت مئات الكتب في دراستها وتحليلها. وقيل يومها إن راسكولينكوف «بطل» الجريمة هو مجموعة شخصيات أخذها دوستويفسكي من أعمال الفرنسيين الكبيرين، فيكتور هيغو وبلزاك، ومن قراءة المحاكمات في باريس. غير أن العنصر الأهم كان تجربة دوستويفسكي فترة السنوات الأربع التي أمضاها في سجون القيصر.
هناك عاش إلى جانب عتاة المجرمين والقتلة. وسمع أخبارهم ودرس طباعهم وعرف دوافعهم وتأثراتهم. ولم يكن يدري أن هذه المصادفة التي لا تطاق، سوف تشكل لاحقاً أهم الدراسات في علم الجريمة. ولا كان يهمه ذلك. كل ما كان يهمه الجلوس إلى طاولة القمار.
ذات مرة كان يقامر في مدينة بادن بادن الألمانية، حيث خسر، كالعادة، كل شيء. ومن ثم تمنع الكازينو عن تقديم وجبات الطعام له. فكتب إلى ناشر كتبه في موسكو يعرض عليه رواية مسلسلة تدور حوادثها حول شاب من طبقة متوسطة يقدم على قتل صاحبة الغرفة التي يريد استئجارها في مدينة سانت بطرسبرغ.
عكس ما كان سائداً في أدب الجريمة، يُعرف القاتل من البداية، ثم تبدأ عملية السرد. وهو أسلوب سوف يبدع فيه حتى السحر، غابرييل غارسيا ماركيز في «قصة قتل معلن سلفاً». وسوف «يؤممه» البوليفي الذي يرتب التفاصيل مثل قائد ثكنة ينظم جنوده عند الفجر. لكن لن يبلغ ذلك أحد. في أي حال، أرسل الناشر الروسي مبلغ 300 روبل إلى المقامر في ألمانيا وبدأ دوستويفسكي يرسل المادة.
يرسل فصلاً ولا يعرف ما سيكون الفصل التالي. وماذا سيفعل. وكانت روسيا كلها تتشوق، بينما دوستويفسكي يتحرق لا يعرف ما هو رقم الفوز أو الخسارة في الكازينو.
تعرض عليك سانت بيترسبرغ، أجمل مدن روسيا ومخزن تحفها الفنية، جولة في عالم راسكولينكوف والمبنى الذي ارتكب فيه أشهر الجرائم الأدبية. لا تُضِع وقتك. المبنى أيضاً متخيل. وعندك في مدينة بطرس الأكبر مائة متحف. ابدأ – كما يفعل الجميع - بالأرميتاج، الذي بنته كاترين الكبرى في القرن التاسع عشر. وماذا لم تبدأ كاترين الكبرى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا لم تبدأ كاترين وماذا لم تبدأ كاترين



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 03:11 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإسبانية تطلق النار على مغربي هتف "الله أكبر"

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أصالة نصري تعود إلى لبنان مجددًا بلا شروط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

عطور "أنفاس" تعزز الشعور بالسعادة

GMT 15:11 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

مالك الجزيري يتقدم في بطولة كيو غينج الصينية

GMT 00:22 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عطور "مارك جاكوبس" لإطلالة ساحرة برائحة الفواكه

GMT 12:49 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

أزياء "دولتشي آند غابانا" لخريف 2018 للرجل العصري بامتياز

GMT 15:35 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

رأي رياضي.. "البق ما يزهق"

GMT 08:53 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

"الأرصاد المغربية" تحذر من أمطار عاصفية في هذه المناطق

GMT 21:50 2012 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء جلسة نقاش مع أسانج في جامعة كمبريدج

GMT 02:37 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

"عارضة الأزياء بيلا حديد تتظاهر من أجل "القدس

GMT 04:01 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

أبرز مزايا ارتداء "الكارديغان" خلال موسم هذا الشتاء

GMT 15:22 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

5 محترفات في المنتخب الوطني للفتيات لمواجهة غينيا

GMT 23:05 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق برشلونة يتعادل مع مضيفه فالنسيا في الدوري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca