لا حنين ولا عودة ولا حسرة!

الدار البيضاء اليوم  -

لا حنين ولا عودة ولا حسرة

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كانت رحلتي الأولى، وأنا في العشرين، إلى باريس. وبدأت أشعر بالحنين إلى بيروت والطائرة تبدأ بالهبوط. كل الشعر الشعبي والأدبي والرمزي والحديث، كان عن الحنين إلى لبنان. قصائد عن الجبل وعن السهول وعن الأمهات وعن الفرح والأعراس والكرم والنخوة والشهامة.

للمرة الأولى في التاريخ المدون يعلن طالبو الهجرة أنهم لا يريدون العودة إلى هذا البلد. فقد سمعوا رئيس الجمهورية نفسه يقول مرة إننا ذاهبون إلى جهنم، ويتبعها مرة أخرى بالقول ليت أنه ورث بستان جده وعاش منه، ولم يعش تجربة رئاسة الجمهورية. والرؤساء لا يخطئون.

أنا أيضاً أفكر في العودة إلى خريطة الهجرة التي بدأتها في العشرين. وواثق من أنني لن أشعر بالحنين إلى بيروت قبل هبوط الطائرة. ولا إلى قريتي. ولا إلى مطاعم البحر. فقد أصبح لبنان غليظ الثمن، مستحيل الاحتمال. وكل نشرة أخبار تزيد الأمراض المزمنة. وتجعل الضغط والسكر ومرض الأعصاب، أوبئة متحولة، وفقاً لقاموس الهلع الذي أدخله «كورونا».
وأنا مصاب بالثلاثة وبالإضافة إليها لدي حساسية شديدة، والآن متحولة، من الذين أضاعوا علي لبنان، وجعلوا شبابه يكرهون العودة إليه. وليس فقط الشباب: على نشرة الأخبار رجل في السبعين، يقول إنه يريد الهجرة و«بدء حياة جديدة». في أي مكان. أي أرض تمنحه تأشيرة، لأنه خائف: «كيف تريدني أن أبقى في بلد يبشرنا سياسيوه بجهنم والحرب الأهلية؟» مبشرون بجهنم، اللبنانيون. وما عادوا ينتظرون وعداً ولا مفاجأة.
«مُذلون ومُهانون» كما في رواية دوستويفسكي. وأكثر قليلاً. لا أدري كم لبنانياً يبقى إذا فتحت أبواب السفر. عندما انتهى نظام أنور خوجة في ألبانيا خرج البلد برمته إلى إيطاليا في يوم واحد. وفي فنزويلا لم يبق إلا من لا يستطيع الخروج مشياً إلى الدول المهاجرة. 20 دولاراً راتب الموظف في الشهر. والسنيور مادورو، سائق الباص السابق، جالس وراء مكتب الرئاسة يرتدي سترة بيضاء زاهية، كالتي يرتديها قباطنة الأساطيل، تماماً مثل أبطال غارسيا ماركيز وسائر الشخصيات اللاتينية في المسرح الهزلي.

على الأقل، نحن لسنا بلداً نفطياً مثل فنزويلا. وعَدَنا لذلك غير مرة وزراء جبران باسيل. ولا ندري ماذا حدث. وكان قد وعدنا بالكهرباء 24/24 في 7/7 في 12/12. واليوم إذا أردت أن ترى هذه الحاضرة المتوسطية في العتم والظلام والحلكة، افتح نافذتك وتأمل. من أي جهة. يعوض عن هذا الظلام. الخطاب الذي يوجهه جبران باسيل إلى الأمة ظهر كل أحد، عن كيف يصار إلى لبنان أفضل. لكن علينا قبل ذلك بضع خطوات بسيطة، منها البحث عن طعام وعمل لنصف الشعب الذي يهده الفقر، كما أعلن بطريرك الموارنة. ومنها البحث عن حكومة يرضى عنها السيد باسيل. ومنها الوصول إلى أي شيء من الحقيقة في انفجار الميناء الذي قالت مجلة «شبيغل» إن موجاته الصوتية سُجلت في برمودا، في شمال الأطلسي، وفي تونس وكازاخستان، وجزر كيب فيردي في وسط الأطلسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حنين ولا عودة ولا حسرة لا حنين ولا عودة ولا حسرة



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 07:38 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

"سوني" تطلق نسخة من "PS4 Pro" بشعار "الرجل العنكبوت"

GMT 09:15 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

ألمانيا تطالب شركة "أودي" باستدعاء سيارتها "إف 6"

GMT 14:04 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

النقابة الوطنية للتعليم تعتزم خوض وقفة تصعيدية في فجيج

GMT 04:22 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رصد ثور "موس ألبينو" النادر يمضغ الأوراق في ألاسكا

GMT 14:04 2014 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

رجيم سريع المفعول للكرش لخسارة 10 كيلو فى اسبوعين

GMT 02:57 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مميزة لإبراز ماكياج الفتيات مع النظارات الطبية

GMT 02:01 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر تأسف لنشر صورة “مفبركة” لملك المغرب في الدوحة

GMT 16:48 2013 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

12 قصة حب وزواج للفنانين والمطربين والإعلاميين في 2013

GMT 07:09 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

طفلة بعمر سنة ونصف تثير الحيرة لأسرتها بسبب وزنها الكبير

GMT 15:08 2016 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تتألق بأربع فساتين بيضاء وتخطف الأنظار
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca