بئس من يحاول زعزعتها

الدار البيضاء اليوم  -

بئس من يحاول زعزعتها

بقلم - سمير عطاالله

كان ميشال شيحا، العراقي الأصل، أهم مفكر سياسي في تاريخ لبنان، على ما أعتقد. وربما كان الأكثر وعياً وصدقاً (أو محبة) حيال فلسطين أيضاً. وقد انقسم اللبنانيون حوله، وهاجمه أهل اليسار على اختلاف منابعهم ومشاربهم، لأنه كان يمثل الرؤية والعقل والرقي، وخصوصاً الوسطية والسلام. وكانوا يعيشون على الصخب والعنف والسفسطة والجهل وما تؤدي إليه.
كان شيحا صاحب رؤية تتسع للجميع، وتقوم على سعة الصدر وسعة المساحة والمكان. ورأى في شرق المتوسط ملتقى تاريخياً، وفي جغرافيته درباً للأمم. وفي صورة خاصة أحب مصر، وبعلمه وأفقه أدرك أهميتها وأهمية دورها، ورأى في الحفاظ عليها فرضاً عربياً كاملاً.
أقرأ شيحا باستمرار لكي أستعيد رؤيته وأفكر فيما وصلنا إليه من فوضى واضطراب وضحالة وخواء وطني واختلال عروبي. لكن هذه المرة عدت إلى كتابه «تحولات على المتوسط» لكي أرى ماذا كانت رؤيته لمصر عندما صدر عام 1951.
كتبت قبل أشهر رأيي حول سد النهضة، وقلت إنَّ الحرب لا تفيد. يقول شيحا: «إن مصر هي على تقاطع الطرق. ومع كل المحبة التي يكنها لبنان لها فإننا ننصحها بالاعتدال والحذر». يقول أيضاً: «إن ما ستأخذه مصر في الاعتبار قبل كل شيء هو الخير العام، وهو أيضاً الضرورات، إن صعودها إلى أحد المواقع الأولى في الحياة الدولية يمكن أن يعني تجديداً للشرق الأدنى برمّته».
تتعرض مصر اليوم لمؤامرتين لئيمتين. وأشدد على كلمة مؤامرة التي أرفضها عادة. لكن المؤامرتين علنيتان، إلى درجة يصبح من الغباء نكرانهما. الأولى هائجة على كل المستويات، ما بين الدوحة وإسطنبول: عقدة الحجم الذي لم يكن، وعقدة الحجم الذي كان. تلعب قطر دور الجمرة الخبيثة في التآمر على مصر، معبئة كل ما لديها من مال واعتداءات إعلامية، وتشارك في تطويق ومطاردة مصر مع تركيا، وصولاً إلى ليبيا. والأمير الأب الذي كان يرفع شعار القومية العربية، وضع بلاده في الموكب العثماني الزاحف على جميع العرب، وعلى الاستقرار العربي في كل مكان، حرفياً، من المحيط إلى الخليج.
المؤامرة الثانية المحيطة بمصر، هي سد النهضة، الذي يهدد حياتها ووجودها، من دون أي مبالغة، ومع ذلك ندعوها، كما دعاها ميشال شيحا، منذ 70 عاماً، إلى «الحذر». لا بد أن ثمة طرقاً لم تجرب بعد، عبر روسيا أو أميركا أو أوروبا، أو كل من يقدِّر مكانة مصر العربية، وكان يمكن المرء أن يأمل في أن تتذكر قطر عروبتها وجذورها. لكن قبل أيام عاد فجأة إلى الظهور، حمد بن جاسم. اللهم احرس مصر من المتجبرين ورثة أو هواة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بئس من يحاول زعزعتها بئس من يحاول زعزعتها



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca