الحرب الكبرى

الدار البيضاء اليوم  -

الحرب الكبرى

سمير عطاالله
سمير عطاالله

ضم الرئيس عبد الفتاح السيسي ضحايا الجسم الطبي في مكافحة «كورونا» إلى عداد الشهداء. وليس الأمر مفاجئاً بالطبع، لا على مصر، ولا على رئيسها. لقد جعلتنا الكارثة الوبائية ننتبه، للمرة الأولى، إلى ما يعانيه من مخاطر وعناء وألم أولئك الذين يخيّل إلينا أنهم لا يتعبون ولا يعانون ولا يعرفون سوى العلاج والشفاء.

منذ انفجار مرفأ بيروت قبل 4 أشهر، غادر لبنان نحو 600 طبيب للعمل في الخارج. وكانت مهنة الطب في هذا البلد هي أرفع ما يتجه نحوه الشباب والشابات. فهي تدرّ عليهم مداخيل ممتازة، وأحياناً فوق الممتازة، لكن الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلد منذ 4 سنين، ودمّرت الليرة اللبنانية التي كانت في الماضي مثالاً للعملة القوية، جعل معدّل رواتب الأطباء اليوم لا يزيد على 200 دولار في الشهر. تخيّل ما هي كلفة دراسة الطب التي تستغرق نحو 10 سنين، وكم ينبغي على الطبيب من سنوات العمل لكي يستردّ تلك الكلفة.

تقول «الإيكونومست» إن لبنان كان جنّة الطبابة في الشرق الأوسط. ومن كان يملك المال فسوف يجد فيه أكثر الرجال اختصاصاً وأحدث المعدّات القادمة من الولايات المتحدة وغيرها. أما الآن فيبلغ معدّل مكافأة الطبيب للساعة الواحدة نحو دولار أميركي. وتواجه الأطقم الطبية بمعظم العالم العربي ضغطاً لم تعرفه في تاريخها.
فالمستشفيات من تونس إلى مصر إلى لبنان، لم تعد تتسع لحالات العناية المركزة. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه يجب أن يكون هناك 45 مؤهلاً طبياً بين طبيب وممرض وقابلة قانونية، لكل 10000 إنسان. لكن 9 بلدان عربية على الأقل تفتقر إلى هذا المعدل. وفي العام 2018 كان في مصر 5 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، وفي العام 2014 كانت النسبة 11 طبيباً للرقم نفسه. السبب، كما تقول «الإيكونومست»، ليس النقص في موهبة الطبابة العربية. ففي مصر يتخرج 7000 طبيب كل عام، أي 15 في المائة أكثر من أميركا. لكن ما أن يتخرج هؤلاء حتى يبحثوا عن أي فرصة عمل في الخارج. ويتقاضى الطبيب التونسي المتمرّس نحو 15000 دولار في السنة، بينما يتقاضى مثل هذا المبلغ شهرياً إذا عثر على عمل في الخليج.هناك مسألة أخرى هي وضع المستشفيات. ففي العراق مثلاً، هناك 13 سريراً لكل 10000 شخص، مقابل 22 سريراً في مستشفيات السعودية. وقد دمّرت الحروب المتواصلة والأزمات السياسية والأحداث الأمنية المتلاحقة النظام الصحي في العراق الذي كان يعتبر من الأفضل بالعالم الثالث. وفي العام 2017 صرف العراق 210 دولارات لكل فرد في العلاج الصحي، فيما المعدّل في الدول المشابهة هو 459 دولاراً.

وتمتد الأزمة في لبنان، من الأطباء والجسم الطبي، إلى الأدوية نفسها. فقد أغلقت صيدليات كثيرة أبوابها بسبب سعر صرف الدولار. ونشطت، كالعادة، أسواق التهريب، خصوصاً إلى الدول المجاورة. ويشبه عمال بعض الأطقم الطبية في المستشفيات المخصصة لمرضى «كورونا»، عمل الأبطال الحقيقيين. ولذا ليس كثيراً عليهم أن تعتبرهم مصر، أو غيرها، شهداء وأبطالاً في حرب أكثر ضراوة ولؤماً من الحروب العسكرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الكبرى الحرب الكبرى



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca