احزر من لم يأتِ إلى العشاء

الدار البيضاء اليوم  -

احزر من لم يأتِ إلى العشاء

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

غيّر سيدني بواتييه في طبيعة العلاقة بين البيض والأفرو أميركيين، بقدر ما ساهم في تغييرها مارتن لوثر كينغ وكبار الدعاة والمناضلين. معه، حلت على الشاشة، صورة الشاب الأسود الأكثر وسامة من البطل «الأبيض» والهادئ المثقف الذي - للمرة الأولى في تاريخ هوليوود - هو من يسحر المرأة البيضاء ويجعل الأميركيين يقفون في طوابير لا نهاية لها، أمام دور السينما.
كان والد سيدني بواتييه مزارعاً في جزر من جزر البهاماس. ولم يستطع هو أن يحصل من التعليم أكثر مما يمكنه من قراءة صحيفة. لكنه بين العمل ميكانيكياً وبين دراسة التمثيل باجتهاد، وجد نفسه يلعب دور البطولة في فيلم المخرج ستانلي كرامر «أحزر من جاء إلى العشاء»، وهي حكاية طالبة بيضاء تدعو زميلها الأسود إلى العشاء في منزل أهلها، وعندما يكتشف الأهل أن ضيف ابنتهما أسود، يتسربل الجميع، ويبدأ أحد أجمل الأفلام في تاريخ السينما. جميع الممثلين كانوا من فئة العمالقة، لكن الناس تسمرت أمام أول أسود يلعب دور البطولة: ليس دور الكاوبوي، ولا دور الفار من العدالة، بل دور «الزنجي» المتفوق وسامة وثقافة وخلقاً.
بعدها أصبح بواتييه يلعب الأدوار الرئيسية في كل الأفلام التي يشار فيها، وما بين حضوره الإنساني الراقي، وحضور محمد علي كلاي القوي، وما أدخل الأفرو أميركيون من غناء وجاز وموسيقى وكوميديا، أصبح الفن هو القوة المؤثرة أكثر من غيره. وظلت صورة بواتييه، الذي غاب عن 94 عاماً، في صدر اللوحة المشتركة.
ما بين بدايات بواتييه وغيابه تغير عالم بأكمله ما بين العبودية والحرية. تغيرت أميركا برمتها، وقبل أسابيع فقدت كولن باول، الذي كان قائد الأركان ووزير الدفاع ووزير الخارجية. وأصبحت وزيرة الخارجية امرأة وسمراء أيضاً (كوندوليزا رايس)، كما عينت كامالا هاريس أول نائبة للرئيس، من أصول هندية وكاريبية معاً، مثل بواتييه.
هذا ما يتعارف على تسميته الآن «القوة الناعمة». أي كل ما هو بعيد عن القوة والعنف. وكانت في أذهاننا على مدى السنين صورة الأتراك و«الانكشارية»، والآن كيفما قلبت قنوات التلفزيون، محكوم بأن تشاهد أسراباً من الفاتنات الأرستوقراطيات من مختلف الأعمار. يرافق ذلك دعاية فعالة وغير مباشرة للصناعات والمنتوجات التركية.
صنعت هوليوود جزءاً كبيراً من صورة أميركا، ولعبت دوراً كبيراً في الترويج للنموذج الأميركي وتهديم النموذج السوفياتي. ومن أهم ما فعلت أنها تركت سيدني بواتييه يرفع الستارة عن النجوم السود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احزر من لم يأتِ إلى العشاء احزر من لم يأتِ إلى العشاء



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca