لاجئ وعودة لاجئ يرفضها

الدار البيضاء اليوم  -

لاجئ وعودة لاجئ يرفضها

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

أخذ ابني عني، من دون قصد من كلينا، عشق الكتابة وحب السفر. وأفاجأ أحياناً عندما يقول لي إنه في سراييفو أو في جاكارتا أو في جزيرة نائية في كرواتيا. لكن هذه المرة فوجئت أنه عائد من آيسلندا، «بلاد الجليد والنار»، حيث يعيش 350 ألف بشري فوق أرض بركانية لا يؤتمن لتعقلها على الإطلاق.

غاية الزيارة إلى ريكيافيك كانت حضور زفاف صديق له. وعندما سأل ما هي المواضيع النادرة التي يستطيع الكتابة عنها، قيل له، على سبيل المثال، حقل للبطاطا وحقل للطماطم. فالأرض المحروقة نادراً ما تُزرع وأندر أن تخصب.

واكتشف أن الحكومة قررت، وفقاً لنسبة عدد السكان، أن تستقبل عائلتين لاجئتين من سوريا، بالمقارنة مع مليون استقبلتهم ألمانيا. والعائلتان حديث البلاد لأن آيسلندا عادة بلد بلا مهاجرين أو غرباء حتى العرب.

كل عائلة من العائلتين اتخذت قرارها. الأولى سوف تبقى هنا، تتدبر أمورها كيفما اتفق، في انتظار العودة إلى البلد. رب العائلة الثانية، قرر أن يتعلم اللغة هو وزوجته وأولادهما، وأن ينسوا جميعاً كل ما له علاقة بالحنين واللغة والأغاني وأكلة «حراق اصبعو» أو «الباسمشكات».

حتى الاقتراع في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، لم يتلهف له، مكتفياً بالديمقراطية كما اعتادها الآيسلنديون، الذين ترأس حكومتهم السيدة كاترين جاكوبسوتير، وهي كاتبة وخريجة آداب، كما أنها وزيرة تربية سابقة مثل الدكتور حسان دياب.

هل يستطيع الإنسان حقاً أن يترك بلده خلفه مهما كان حانقاً؟ أحياناً. لكنها في أي حال، أفضل الطرق لكي تنجح حيث أنت. الانتظار بين عالمين يحرمك سبل النجاح والقبول في عالمك الجديد. ويبقي على مرارتك وغربتك. وتضع اللوم دائماً على مضيفيك وثقافتهم وعاداتهم. 

وتشتم السويد لأن الحرية الاجتماعية فيها لا تناسبك على الإطلاق، فأنت تستحلي جميع نسائها، ثم تذبح شقيقتك على عتبة المنزل لأنها خرجت مع سويدي مارق.

أدباؤنا وشعراؤنا يأتون إلى فرنسا وسويسرا وبريطانيا والنرويج، ويكتبون القصائد عن «المنفى». ويقصدون طبعاً الغربة. وهي محزنة. أما المنفى، فهو الوطن الذي يشرّد أهله ويشتت بنيه ويرسلهم إلى الخيام والمذلات.
فلنسمها غربة، لأنها كذلك. أما المنفى فكلمة كبرى استحقها أحمد شوقي وبيرم التونسي والجواهري والسياب ومن في هذه المراتب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاجئ وعودة لاجئ يرفضها لاجئ وعودة لاجئ يرفضها



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca