في انتظار الممنوع من المجيء

الدار البيضاء اليوم  -

في انتظار الممنوع من المجيء

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطا الله

أعلن الرئيس ميشال عون عقب الانفجار الرهيب، أنه ضد تحقيق دولي في المسألة؛ لأن من شأن ذلك تمييع القضية. طبعاً، لا يستطيع الرجل، كرئيس للدولة، أن يتخذ موقفاً آخر. والحقيقة أن ما عرف عن الكارثة حتى الآن، لا يبقي أي ضرورة لمعرفة المزيد. فالذي نسبته «رويترز» («الشرق الأوسط»، الثلاثاء) إلى بعض قادة الأمن ومسؤولي الميناء المنكوب ومصادر القضاء، يكفي تماماً لرسم صورة دولة خاملة متهالكة فاشلة غير مسؤولة، ولا يمكن ائتمانها على حياة الناس، تماماً كما لا يمكن ائتمانها على أموالهم وأرزاقهم وكراماتهم وصحتهم ومستقبل أولادهم.

بدل «التحقيق الدولي» أحيلت فجيعة بيروت إلى «المجلس العدلي» الذي يعدّ أعلى هيئة قضائية. وآخر لبناني في آخر الأرض، يعرف أن المجلس المذكور لم يتوصل في أي يوم إلى أي نتيجة في أي جريمة وطنية أحيلت عليه. إنه جزء من القضاء اللبناني، والقضاء اللبناني جسم يخشى الحقائق، لأن الوصول إليها يعني الوصول إلى المافيات والقتلة الحقيقيين. ولا أحد يريد الوصول إلى هذا الموقف. لقد عدّد الزميل رئيس التحرير في مقاله الأسبوعي أسماء أكثر من 20 سياسياً اغتيلوا من دون أن يصدر قرار اتهامي، في المجلس العدلي، أو في أي مجلس آخر. لقد أعطوا فقط حق مجالس العزاء.
لن يكون هناك فارق بين الاغتيال الفردي واغتيال المدينة ونسائها وأطفالها ومستشفياتها. فالنظرة إلى الموت واحدة في سياسات لبنان. وإذا استكمل المجلس العدلي أي مرحلة من مراحل التحقيق فسوف يتبين له ما تبين دائماً: الحقائق غير ضرورية. الأمثال في الدول الضعيفة تقول: «راحت ع اللي راح».
ولكن قد يُخيل إليك أننا لسنا أمام جريمة عادية. إنها كارثة وطنية. كارثة إنسانية. 6 آلاف جريح، و300 ألف مشرد؛ بينهم مائة ألف طفل، وخسائر بعشرين مليار دولار في بلد منكوب أصلاً وغريق. أجل. أنت على حق. وهذا صحيح. لكنني لست أفهم ماذا تريد أن تقول، ألم نعدك بالمجلس العدلي؟
دعني أكرر لك حكاية من 1973 عندما اغتيل في بيروت وزير خارجية اليمن الأسبق محمد النعمان. بعد أيام ذهب والده، الرئيس أحمد محمد النعمان، ترافقه الحاجة الفاضلة أم محمد ومعها أحزان الابن البكر - ذهب النعمان إلى القصر الجمهوري لمقابلة سليمان فرنجية وقال له: يا صديقنا العزيز، جئت أطلب إليك ألا تبحثوا عن قتلة محمد، إن لبنان بلد ضعيف ولا يحتمل معرفة الحقائق الصعبة.
من خلال ما أوردته «رويترز» نقلاً عن مسؤولين خافوا إعلان هوياتهم، هناك على الأقل 20 مسؤولاً مباشراً تم إبلاغهم بوجود 3 آلاف طن متفجرات بين البيوت، ولم يتحركوا. كأنها 3 آلاف طن حلاوة الطحينة. مذكرات تنتقل منذ 2013 من مدير إلى قاض إلى وزير إلى رئيس حكومة إلى رئيس جمهورية، والمرفأ ينتظر من يفجره في أوصال المدينة. وأخيراً، جاءت فرقة «السمكرية» لإصلاح باب «العنبر 12». وفتح باب الجحيم. وقالت الرواية الرسمية أول الأمر، إنها مفرقعات. كم يكبر حجم المأساة في المهازل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في انتظار الممنوع من المجيء في انتظار الممنوع من المجيء



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca