مفكرة القرية: شركة مع الطيور

الدار البيضاء اليوم  -

مفكرة القرية شركة مع الطيور

بقلم -سمير عطاالله

منذ سنوات استسلمنا، زوجتي وأنا، لواقع لا يتغير ولا نريده يتغير: حديقة المنزل شراكة بالمناصفة: الزهور لنا، والورد لنا، والخضرة لنا. أما كل ما يؤكل من ثمار، العنب والرمان والأكي دنيا، فهو للطيور. وتتولى زوجتي إدارة هذه الشراكة وإطلاعي على النتائج في أوانها.
مثلاً: شجرة الرمان بدأت ثمارها بالنضوج. لماذا منظرها منفر بدلاً من جماله السابق؟ لأن العصافير أكلت النصف المستوي منها، وتركت النصف الثاني معلقاً إلى حين الاستواء. وعندها تستكمل الباقي وتترك لنا جلدة الرمانة فارغة. منظر لا يليق. ولكن هذا هو الاتفاق. والفريق الأول فيه، ليس نحن.
يتكرر الشيء نفسه مع شجرة الأكي دنيا، ما أن تعقد ثمارها حتى نعد أنفسنا بموسم جيد. مرحباً مواسم. كلما اصفرّت حبة من حبوبها انقضَّت عليها العصافير، تقشرها واحدة واحدة. وبدلاً من أن تترك لنا القشرة مثل الرمانة، تترك لنا البذرة الداخلية، والمنظر غير لطيف. لقد تحوّل من ذهبي جميل إلى بني قاتم. لا شكوى. هذا هو العقد غير المكتوب.
في المقابل تغرد لنا البلابل والعصافير والطيور التي لا نعرف أنواعها، من الصبح إلى المساء. أصوات طفولية وأصوات شابة وتقاسيم منفردة. وتنادي عليَّ زوجتي، تعال اسمع هذه الموسيقى، لكنني أكون مأخوذاً بسماع التحليلات حول نهاية لبنان.
نعرف أين تتغذى هذه الطيور، ونسمع صوت موسيقاها ورفّات أجنحتها، لكننا لا نعرف أين تنام. ولا نتساءل. فالمسألة غير مطروحة في العقد. لكن زوجتي نادت عليَّ بابتهاج قبل أيام، هاتفة، انظر إلى فوق. ونظرت فرأيت كمية صغيرة من العشب اليابس موضوعاً فوق غصن، على شكل دائري.
وشرحت لي أن زوجاً من العصافير بدآ في بناء للمواليد القادمة. وما لبث العش أن انتهى. ووفقاً لزوجتي أن الذكر كان يحرس العش فيما تجول الأنثى وتعود حاملة المزيد من العشب، ثم رأت زوجتي في العش أربع بيوض زرقاء زرقة الطواويس.
في اليوم التالي قطعت عليَّ التأمل في سياسات لبنان وأعلنت في قلق وحزن أن العش قد اختفى عن الغصن. ما العمل. ماذا حدث؟ بمن نستغيث. طرحتُ رؤية تقول إن البيض قد فقس والولادات تمت وانتقلت العائلة إلى مكان آخر.
قالت إن ذلك مستحيل. لا يمكن أن يتم ذلك على مثل هذه السرعة. ثم إنها مجازة في العلوم الطبيعية وتعرف الكثير عن كائناتها. وقررت أن تحقق في الأمر. وعرضنا لهذا الغرض جميع الشجر وكل الأغصان. وبعد يومين سمعتْ أصوات عصافير صغيرة. وتطلعت إلى مصدر الصوت وعرفت السر. لقد تضايق الزوجان من فضولها فنقلا العش بسرعة إلى أعلى شجرة في الحديقة. وفرحنا للسرب الأزرق. وبموجب ما تتذكر، وضعت للعائلة وعاءً من الماء وصحناً من البذور. وتكفلت أنا بطاقة التمنيات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية شركة مع الطيور مفكرة القرية شركة مع الطيور



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca