بلاء العراقيين أخطر من فايروس كورونا

الدار البيضاء اليوم  -

بلاء العراقيين أخطر من فايروس كورونا

د. ماجد السامرائي
بقلم: د. ماجد السامرائي

برنامج الموت البطيء الذي تنفذه إيران ووكلاؤها ضد العراقيين يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي مثلما يقف اليوم في وجه فايروس كورونا.

موجة الهلع العالمي من المرض القاتل كورونا مبررة كجزء من دفاع الإنسان عن حياته ضد وباء لا يميّز بين دولة وأخرى، أو بين رئيس محصّن بأنواع أجهزة الأمن والمخابرات وبين مواطن فقير جائع أو مشرد. ما عدا أولئك المحصنين بنعمة العزلة في الغابات من دون وجع الرأس بالحضارة والمدنية وأموال البشرية التي يتلاعب بها الكبار.
لا شك أن للإنسان قيمة كبيرة تستوعبها وتنظم تدابيرها عقول المهتمين بالدفاع عن الحياة، وحين تهاجم البشرية بوباء تصطف موّحدة لمواجهته والقضاء عليه. ولا شك أن كورونا مهما بدت وحشيته لكن محاصرته على المستوى الفردي سهلة بالوقاية البسيطة، والقضاء عليه ممكن عن طريق إجراءات مراكز العلم والتقنيات الصحية. وخلالها تكشف الدول عن جانب مهم من قدراتها وصدق علاقاتها مع شعوبها، وليس كالمثال الإيراني الذي دلّل على كذبه ومراوغاته في نقل وقائع المرض وحرصه على استمرار تدفق الزائرين بينه وبين جيرانه في منطقته الحيوية العراق وسوريا ولبنان التي لا يريد الانقطاع عنها رغم مخاطر الموت.
نظام طهران من أجل تحقيق أهدافه العقائدية والقومية لا يهتم بحياة الناس، وتاريخياً هو ذات النظام الذي كان يدفع بعشرات الألوف من المتطوعين الإيرانيين في صفوف الحرس الثوري إلى حدوده الجنوبية مع العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية، 1980 – 1988، ويلقي بهم في محرقة الموت تحت راية أن القدس تنتظرهم للتحرير وهي تقع خلف التلال الإيرانية.
الأرقام الحالية لكورونا لا تثير الهلع ولا يمكن مقارنتها بأعداد الملايين من الضحايا البشرية الكبيرة التي روعت العالم من خلال كوارث الأمراض في الأزمنة القديمة.
للوباء الحالي كورونا دروس للإنسانية تؤكد أهمية الحفاظ على حياة الإنسان وسبل الدفاع عنه، لكن بذات الوقت تشكل مناسبة مهمة للتذكير بما عاناه، ويعانيه، شعب العراق وهو واحد من أعضاء الأسرة العالمية من استمرار الموت البطيء وحرمانه من حق الحياة التي يديرها بعد الاحتلال العسكري الأميركي النظام الميليشياوي الإيراني.
جميع أنظمة الحياة في العراق انهارت بعد عام 2003 في مقدمتها النظام الأمني وتقدم عليها نظام الموت متعدد الأشكال. في المرحلة الأولى ما بين 2003 إلى 2011 كان الجنود الأميركان يقتلون المواطنين العراقيين في الشوارع والمدن والقرى بلا محاسبة وفق نظام الاحتلال، بشراكة الميليشيات التي نمت وانتشرت كالفايروس بسرعة، وتولت مسلسل القتل الذي تصاعد بإشراف قاسم سليماني عام 2006. كل مواطن عراقي غير موال لتلك الميليشيات ولطهران أصبح معرضا للموت أو الاعتقال لحد اليوم.
أنظمة حماية الإنسان العراقي من الموت البطيء انهارت. فالنظام السياسي للأحزاب وحكوماتها المتعاقبة تعلن مانشيتات كاذبة حول برامج الإصلاح، لكنها في الواقع تتفنن في طرق وأساليب نهب المال، ولم يتحقق إنجاز واحد للمواطنين. لا وجود لنظام صحي وبسبب تلوث المياه يموت ما نسبته واحد من ثمانية من الأطفال، وإن أكثر من 80 في المئة من العراقيين لا يستخدمون مياها صالحة للاستعمال.
بسبب تلوث المدن الكبيرة بالمواد الكيماوية توجد أكثر من مائتي ألف حالة سرطانية، ولا وجود لمستشفيات يتوفر فيها الحد الأدنى من الخدمات التي تحمي المرضى من الموت أو الإعاقة. انهار النظام الاقتصادي الذي يوفر الحد الأدنى من الأمن الغذائي للمواطنين بغلق المصانع وتفكيكها، وبسبب الأعداد الكبيرة من العاطلين فتكت المخدرات القادمة من إيران بشباب العراق.
تعويم المسؤوليات بين زعامات الأحزاب كان هو السائد خلال السنوات الماضية، لكن بتولي الميليشيات الموالية لطهران مسؤوليات التحكم بالسياسات العليا للبلد أصبح الشعب العراقي رهن مشروع الموت البطيء بعد تحويل العراق إلى ساحة إيرانية للنزاع مع واشنطن وإخضاع المواطن العراقي وارتهانه لمناخ الهلع والقلق على الحياة، ما يمنعه من المطالبة بالحقوق الاقتصادية والمدنية، وهذه الميليشيات تسعى من خلال برنامج القتل والاختطاف لسحق الانتفاضة وإشغال الناس بأجواء التعبئة الحربية ضد الوجود الأميركي في العراق.
برنامج الموت البطيء الذي تنفذه إيران ووكلاؤها ضد العراقيين يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي مثلما يقف اليوم بوجه فايروس كورونا، ويستطيع مجلس الأمن الدولي المبادرة إلى تفعيل البند السادس في الولاية على العراق بعد أن أصبح بلا حكومة مركزية تقوده، وبتعرض أبنائه إلى مخاطر الموت البطيء، وأن يتم تشكيل لجان تقصي حقائق دولية تفرض إجراءات عاجلة لقيام حكومة مؤقتة بإشراف دولي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاء العراقيين أخطر من فايروس كورونا بلاء العراقيين أخطر من فايروس كورونا



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca