أخر الأخبار

انتخابات إسرائيل بين العسكر والأيدولوجيا..!!

الدار البيضاء اليوم  -

انتخابات إسرائيل بين العسكر والأيدولوجيا

أكرم عطا الله
بقلم : أكرم عطا الله

اليوم صباحاً تفتتح صناديق اقتراع الجولة الثالثة التي تجري خلال أحد عشر شهراً في إسرائيل، وهي تأمل أن تحدث معجزة تكسر التوازن القائم لصالح أحد الطرفين اللذين لم يتمكن أيٌّ منهما من تشكيل حكومة ولم يستطيعا تشكيلها بالشراكة التي اعتادت عليها إسرائيل خلال عقود ماضية، ويبدو أنها غادرت تلك الثقافة لتلتحق بالحالة الإقصائية المحيطة.حظوظ غانتس بتحالفه أقل كثيراً من خطوط نتنياهو، ليس لأن نتنياهو تمكن في استطلاعات اليوم الأخير من تجاوز حزب «أزرق - أبيض» بل لأن الكتلة الصلبة التي يقف نتنياهو على رأسها الليكود وأحزاب اليمين القومي والديني تقف عند حدود 58 مقعداً، بينما كتلة غانتس الصلبة لا تتجاوز 42 مقعداً، ولا يمكن احتساب القائمة العربية في هذا التحالف، فدورها ينحصر بأنها كتلة مانعة لنتنياهو وليست داعمة لغانتس.

لم تغير إعادة الانتخابات الأرقام، وبقي النظام السياسي يراوح مكانه ويفتح لاحقاً على كل السيناريوهات بما فيها جولة رابعة، وبقي ليبرمان بيضة القبان وان هبط الى ستة مقاعد، فكان قاطعاً هذه المرة أنه سيمنع نتنياهو من تشكيل حكومة، وإن كان ذلك أثناء الدعاية، لكن ليبرمان الذي أهين مراراً من قبل رئيس الحكومة قد يكون جدياً كما المرات السابقة التي لم يمد فيها حبل النجاة لنتنياهو.ولكن على الجانب الآخر، لم يكن النظام السياسي بأحزابه هو من صنع أزمة المراوحة تلك، بل خيار الشعب الاسرائيلي والذي غاب فيه يسار الوسط المركزي لتحدث فيه كل تلك الأزمة، هو الشارع الاسرائيلي الذي ينزاح أكثر نحو اليمين بتلك الكتلة الصلبة التي أصبحت تمثل أكثر من نصف الكنيست اذا ما أضفنا ليبرمان المستوطن اليميني الذي يترأس حزباً شديد التطرف.

لكن اللافت في الانتخابات وشعاراتها هو غياب نقاش قضايا اجتماعية أو اقتصادية حتى وبعد أكثر من سبعة عقود على قيام إسرائيل، ويظل العامل المركزي في الانتخابات هو عامل الأمن واستقرار الدولة والأخطار التي تتهددها، رغم ما تملكه اسرائيل من قوة، الا أن طبيعة توزع الكتل تعكس أزمة الثقة القائمة، لأن المزاج الشعبي يذهب بهذا الاتجاه.الانتخابات تدور بين طرفين مركزيين، بين العسكر الذي يمثله حزب «أزرق- أبيض» والذي يسوق نفسه بأنه رائد المناعة الإسرائيلية من تلك الأخطار وهو القادر على تحقيق أمنها، والليكود أو اليمين أيضاً يدير دعاية باعتباره القادر على تحقيق مناعة الدولة، أي أن الصراع الانتخابي بين قوة العسكر وقوة الأيدولوجيا وأيهما قادر على حماية اسرائيل بعد كل تلك السنوات من إقامتها.

لن تختلف النتائج عن الأرقام السابقة، لكن الفرق البسيط حسب الاستطلاعات الأخيرة أنها ستضع الليكود بمركز الحزب الأول، ولن يستطيع الحصول على كتاب التكليف دون كتلته اليمينية التي سترشح اسمه لدى الرئيس، وهي الكتلة التي حالت دون شراكة سابقة مع «أزرق- أبيض» الذي يريد حكومة مع الليكود فقط، وسيصبح نتنياهو في زاوية أكثر صعوبة من الانتخابات السابقة، فإذا ما وقع شركاؤه على تعهد عدم الشراكة مع غانتس لن يقبل الأخير، ولا يتمكن نتنياهو وحده من تشكيلها، وإذا تحرر من شركائه فقد يذهبون مع غانتس، وتلك معضلة سيواجهها نتنياهو في لحظة إغلاق الصندوق وإعلان النتائج مساء الغد.

غانتس هو الآخر في موقف لا يقل صعوبة، فهو بحلفه بعيد تماماً عن الحكومة، وقيمة التحالف أنه مانع أمام نتنياهو ويضع أمامه فيتو كبيراً كما القائمة العربية المشتركة الآخذة بالصعود، فقد أعطتها الاستطلاعات الأخيرة أربعة عشر مقعداً.التغيرات في إسرائيل والاستطلاعات لا تعكس تغيرات على صعيد النظام السياسي، بل تحدث في إطار التحالف الواحد أو الكتلة الواحدة. وحين يسقط مقعدان من رصيد ليبرمان يذهبان لليكود، وحين يرتفع حزب العمل بمقعد يكون ذلك من «أزرق- أبيض»، لذا بقيت المراوحة خلال الجولات السابقة، وهي ما يتسبب بنفس الأزمة للنظام السياسي الذي يحتاج الى معجزة ليتمكن من تشكيل حكومة، وخصوصاً بعد الاتهامات الشديدة التي قيلت من كل طرف تجاه الآخر، صحيح أنها اتهامات انتخابية ولكنها واقع أصبح يحول دون التقارب.

نتنياهو فاسد والملفات جاهزة وسيذهب للمحاكمة، هذا صحيح. ولكن الغريب أن هذا لم يؤثر على الناخب المصاب بعقدة الأمن وأزمة الثقة بالاستقرار. صحيح أن نتنياهو هو الذي رفع وتيرة التهديد ليستفيد منها باعتباره الضامن للأمن، ولكنه الآن يدفع ثمنها لأن تعزيز تلك الثقافة أنتجت لدى المزاج الشعبي الحاجة للجنرالات أصحاب الخبرة في الأمن، وكأنه صنع لنفسه خصماً عنيداً وقوياً.بعد الانتخابات بأسبوعين ستكون أولى جلسات محاكمة نتنياهو وتلك قد تكون بداية الحل، صحيح أن المسألة قد تطول ولن تحل الأزمة بتلك البساطة، ولكن لأن لا مخرج في إسرائيل سوى هذا المخرج القضائي اذا ما أزيح نتنياهو أو تم منعه من تشكيل حكومة وهو ما يعني نهايته، ولكن بتلك النهاية سيضع حداً لحالة الشلل في النظام السياسي.

لا يعني ذلك تغيراً كبيراً على الصعيد الفلسطيني، سواء ظل نتنياهو أم رحل، ذلك لأن إسرائيل الخائفة والتي تصوت بتلك العقدة حسمت أمرها باتجاه التطرف تجاههم ومزيد من السيطرة، بل مزيد من تحقيق المشروع الذي ارتسم منذ عقود سيطرة على الضفة والتحرر من غزة، بغض النظر من كان على رأس الحكم. وهذا ما يتطلب من الفلسطينيين عدم الاهتمام بنتائج الانتخابات بقدر الاهتمام بكيفية بناء الحالة الفلسطينية وتلك هي الأولوية..!!

قد يهمك أيضا:

معادلة الممانعة المحكومة بالسقف...!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات إسرائيل بين العسكر والأيدولوجيا انتخابات إسرائيل بين العسكر والأيدولوجيا



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:10 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 02:58 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف علاجًا جديدًا لمرضى السكري من جلد المرضى

GMT 23:17 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مناقشة استخدامات البلوك تشين في التعليم العالي

GMT 09:45 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

طقس غير مستقر في معظم المناطق المغربية

GMT 20:17 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

العثماني يتلقى الضوء الأخضر لتعيين وزير جديد في حكومته

GMT 04:58 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

صوماليات تمارسن الرياضة وتضربن بالتقاليد عرض الحائط

GMT 06:52 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

حذاء "كيتن" بالكعب العالي يتألق على عرش موضة 2017

GMT 05:26 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة توضح مزايا ثمرة التوت الأزرق بالنسبة للأطفال

GMT 07:53 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

رينج روفر مدعمة ببطارية لقيادتها كهربائيًا لمسافة 51 كم

GMT 10:38 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

باحثون يكتشفون ضفدع الشجرة من جديد بعد إعلان انقراضه

GMT 00:34 2017 الخميس ,27 تموز / يوليو

مارك فوت ينتقد أداء اللاعبين أمام جزر موريس

GMT 20:42 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

فول الصويا يحارب سرطان الثدي

GMT 06:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

30 ألف طالب "كونغ فو" يلعبون في مهرجان صيني

GMT 08:56 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الألمان يعثرون على أكبر مقبرة للديناصورات في المكسيك

GMT 23:25 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

كشف النقاب عن سيارة GT رودستر موديل 2018

GMT 08:34 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

4 أسباب تؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca