فلسطينيو الداخل بمقدورهم!!

الدار البيضاء اليوم  -

فلسطينيو الداخل بمقدورهم

عبدالناصر النجار
بقلم : عبد الناصر النجار

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول تغطية عنصريته وخطاياه تجاه فلسطينيي الداخل بخطاب إعلامي مناقض لما سمعناه منه دائماً، وكذلك في حملته الانتخابية للكنيست في الجولات السابقة، من خلال محاولة الاستمالة وتقديم جزرات عفنة لهم؛ للحد من تصويتهم بالانتخابات المقبلة في بداية آذار.
نتنياهو الذي رفع شعار» العرب يريدون تدمير دولة اليهود» كان يعمل لتحريض اليمين الإسرائيلي للتصويت بكثافة في انتخابات نيسان الماضي، وهذا ما حصل، ولم يستشعر الفلسطينيون في الداخل الخطر الداهم تجاه وجودهم وصمودهم على أرضهم، فتقاعسوا عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، ولم تصل نسبة تصويتهم حاجز الـ 49%، وطفت الخلافات الداخلية والانقسام السياسي فكانت النتيجة الحصول على 9 مقاعد فقط للكتلتين المتنافستين مقابل 12 مقعداً في انتخابات الكنيست قبل أربع سنوات تقريباً.
وخلال انتخابات الإعادة، في أيلول الماضي، وإثر ضغوط مكثفة من أجل الوحدة والتعلم من درس الفشل السابق، ووقف الصراعات الداخلية، تمكّن فلسطينيو الداخل من الحصول على 13 مقعداً، وهو ما حطم أحلام نتنياهو في تشكيل حكومة برئاسته، وممارسة ضغط على منافسه رئيس كتلة «أزرق أبيض» بيني غانتس والحصول على مجموعة من الوعود، خاصة فيما يتعلق بموضوع المساواة.
من الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة تصويت فلسطينيي الداخل تأكدهم من خطورة اليمين الإسرائيلي ليس باتجاه قضاياهم الحياتية فقط، بل في وجودهم برمته، وأيضاً للحد من التدهور السياسي، مع التسريبات الأولية لـ»صفقة القرن» وتبعاتها عليهم، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام.
الإعادة الثانية لانتخابات الكنيست، في الثاني من شهر آذار المقبل، أكثر من حاسمة وربما الأهم في تاريخ الفلسطينيين في الداخل الذين عانوا من الإجراءات العنصرية ابتداءً من الحكم العسكري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ومصادرة أكثر من 90% من أراضيهم لصالح الاستيطان وحتى اليوم، بعد إعلان «صفقة القرن» التي تضمنت بنوداً باقتلاعهم، والكشف عن مخطط إسرائيلي بموافقة أميركية في التخلص من أكثر من 300 ألف مواطن فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية، ونقلهم إلى إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، مع ملاحظة أن مخطط النقل يتعلق بالسكان وليس بأراضيهم المصادرة بعد العام 1948.
«صفقة القرن» تتحدث عن التخلص من سكان قرى كفر قرع وعرعرة وباقة الغربية وأم الفحم وقلنسوة والطيبة وكفر قاسم والطيرة وكفر برا وجلجولية، واستثناء سكان قريتين هما جيت وزيمر لموقعهما الإستراتيجي حسب النظرة الإسرائيلية.
بعد الكشف عن المخطط التهجيري بدأت عاصفة الاستشعار بالخطورة تتحرك وإن كانت ببطء. فاليمين العنصري الإسرائيلي بقيادة نتنياهو يجهد للتخلص من فلسطينيي الداخل لإعادة ما يطلق عليه التوازن الديموغرافي في منطقتي المثلث والجليل، على الرغم من فشل كل الحكومات الإسرائيلية السابقة منذ العام 1948 وحتى اليوم في تحقيق مثل هذا التوازن غير المبرر وغير الأخلاقي.
والمعلومات تشير إلى أن البنود المتعلقة بمنطقة المثلث في «صفقة القرن» هي في الأساس رؤية لنتنياهو، وهو الذي طلب من كوشنر وفريقه من عرابي الصفقة إدراج هذا التوجه العنصري نحو أهالي المثلث.
مع اقتراب الانتخابات الجديدة للكنيست، وجد نتنياهو نفسه متورطاً بمعاداة فلسطينيي الداخل، ما تسبب بردة فعل عكسية في الانتخابات السابقة، وأصبح نتنياهو على يقين بأهمية الصوت العربي الذي سيكون حاسماً، ما جعله يتراجع تكتيكياً ولفظياً عن مواقفه السابقة، وإعلانه أن الحكومة الإسرائيلية لم توافق على التبادل السكاني، ونافياً نقل سكان المثلث (حتى الآن)، ولكن دون نفي فكرة النقل كما وردت في الصفقة التي يمكن تطبيقها لاحقاً.
ثم بدأ نتنياهو يقدم جزراته العفنة إلى الفلسطينيين في الداخل من خلال تغريداته حول موسم الحج، داعياً إلى رحلات مباشرة من مطار اللد إلى العربية السعودية، وتخفيض كلفة السفر إلى أقل من 50% من الكلفة الحالية، بل أكثر من ذلك استخدم في إحدى تغريداته آية قرآنية وباللغة العربية، وبدا كبيت الشعر الذي مطلعه «برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا».
الجزرات العفنة التي يقدمها نتنياهو لفلسطينيي الداخل هي انقلاب زمني على الخطاب السياسي السابق؛ بعدما تبين له أن التحريض العنصري ضد العرب جاء بنتيجة عكسية وكارثية بالنسبة له.
وعليه فإن الفلسطينيين في الداخل أمام مفصل تاريخي: إما تفتتهم بعدم المشاركة في الانتخابات، أو زيادة قوتهم للحفاظ على وجودهم وتصديهم لـ»صفقة القرن» ومنع نكبة ثالثة للشعب الفلسطيني.
المطلوب صحوة شاملة، خاصة من أهالي قرى المثلث التي يجب أن تلقن العنصريين درساً من أجل مستقبل أطفالهم.
في الثاني من آذار، سيسجل التاريخ مواقف فلسطينيي الداخل ليهبوا للوقوف سداً منيعاً أمام سياسة التهجير والحفاظ على الوجود والتصويت بنسبة لا تقل عن 85% وليس 60%. و في حال حصول القائمة الموحدة على ما يزيد على 15 مقعداً في الكنيست - وهذا ممكن - سيذهب نتنياهو وعنصريته ليس للبيت ولكن للسجن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطينيو الداخل بمقدورهم فلسطينيو الداخل بمقدورهم



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca