عن زيارة وفد «حماس» إلى روسيا

الدار البيضاء اليوم  -

عن زيارة وفد «حماس» إلى روسيا

صادق الشافعي
بقلم : صادق الشافعي

لا "حماس" هي طالبان، ولا السلطة الوطنية الفلسطينية هي حكومة أفغانستان، ولا روسيا هي الولايات المتحدة، ولا المشكلة الأفغانية في طورها الراهن تشبه القضية الوطنية الفلسطينية.لا شيء في زيارة وفد من "حماس" الى روسيا والتباحث مع مسؤولين فيها ما يشبه، او يمكن ان يكرر، ما حصل من تباحث بين حكومة الولايات المتحدة مع حركة طالبان وتوقيع اتفاق معها دون مشاركة الحكومة الأفغانية ولا حتى طلب موافقتها على الاتفاق.هذه ليست المرة الأولى التي توجه روسيا (وقبلها الاتحاد السوفييتي) دعوة خاصة الى تنظيم فلسطيني بمفرده. حصل ذلك أكثر من مرة ومع أكثر من تنظيم، وحصل قبل أيام قليلة مع حركة الجهاد الإسلامي.

إذاً لا معنى خاصاً او استثنائياً في زيارة وفد "حماس" الى روسيا، ولا داعي للتفتيش عن مرامي او اهداف خاصة من ورائها. يزيد الارتياح ان الزيارة حصلت في وقت أعلنت فيه "حماس" رفضها التجاوب مع محاولات من أميركا لإقامة علاقة معها تمت عبر وسطاء.بالتأكيد، فإن زيارة وفد من "حماس" الى روسيا تزيد من قوة حضورها السياسي والاعتراف بها وبالدور الذي تقوم به على أكثر من مستوى.أولها، المستوى الوطني الفلسطيني والدور النضالي والسياسي الذي تقوم به حتى من موقع تعارضها مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وإقامة كيانية سياسية موازية لها في قطاع غزة تقترب من الاستقلال التام عنها.

ثم على مستوى علاقتها بدولة الاحتلال بأي شكل ومحتوى، سواء كان على شكل مقاومة صدامية مباشرة من موقع العداء للاحتلال ووجوده على ارض الوطن الفلسطيني، او من موقع القبول بتفاهمات يتم السعي للوصول اليها والالتزام بها حتى ولو تمت عبر وسطاء.وأيضاً، على مستوى حضورها الدولي بشكل عام.روسيا  أيضاً، تؤكد من خلال هذه الزيارة، وقوفها المبدئي المستمر والثابت الى جانب النضال الوطني الفلسطيني بكافة مكوناته وفصائله والى جانب نضاله لنيل حقوقه الوطنية المشروعة.

إضافةً الى تأكيد حرصها على وحدة النضال الوطني الفلسطيني بكافة مكوناته السياسية والتنظيمية ووحدة الموقف الوطني الفلسطيني في إطار منظمة التحرير.ومن المؤكد أن استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بكافة تعبيراتها، ووحدة الموقف الفلسطيني وإمكانية مساعدة روسيا في تحقيق ذلك، كانت بنداً أساسياً على برنامج الزيارة.لكن الذي له معنى خاص ويثير الجدل مصحوباً بالقلق، وبعيداً عن زيارة موسكو، هو الحديث المتداول بوتيرة عالية، ودونما نفي له أو توضيح مناسب، عن إقامة الأخ إسماعيل هنية ومعه قيادات حمساوية أخرى، بشكل دائم خارج أرض الوطن، وإن الأولوية لمكان الإقامة الأكثر تداولاً تعطى لتركيا او قطر.

لجهة المبدأ، فإن الوضع الطبيعي والصحيح ان تبقى قيادة "حماس" بمعظمها، وبالذات مسؤولها الأول، في ارض الوطن وعلى رأس مهامها النضالية، وبين ناسها وأهلها والغالبية الكبرى من أعضائها، طالما ان ذلك ممكن ومتاح (لم يكن الأمر متاحاً في زمن قيادة الأخ خالد مشعل ولا هو متاح لبعض قيادات التنظيمات الأخرى).
ما يميز البلدين المذكورين (تركيا وقطر) أن كلاً منهما يشكل قاعدة وجود ونشاط لحركة الإخوان المسلمين. مع خصوصية لتركيا كونها تشكل واقعياً القيادة العالمية للحركة.
هذا الأمر، إذا ما تحقق فعلاً، فإنه من جهة، يصعّب التواصل اليومي والمباشر لقيادة "حماس" في الخارج مع أعضاء الحركة في الوطن، ومع أهل الوطن وقضايا الوطن ونضالاته اليومية، ومع القوى الوطنية الفلسطينية الأخرى، ولو كان ذلك بسبب البعد الجغرافي على الأقل.
 ومن جهة أخرى، فإنه يفتح الباب أمام احتمال تأثر الحركة ومواقفها وسياساتها بسياسات هاتين الدولتين ومواقفهما (في الإقليم بالذات)، وبعلاقاتهما وخلافاتهما مع دول أخرى. وتبرز في هذا المجال الأهمية الاستثنائية لأي تأثير سلبي على العلاقة مع الشقيقة مصر، خصوصا وأن الدولتين المذكورتين في علاقة هي على الأقل غير ودية معها، بل هي أقرب الى التوتر، والى السخونة مع تركيا.
فالعلاقة بين فلسطين وأهلها ونضالها الوطني، وبين مصر وأهلها ودولتها قضية مبدأ واستراتيجيا وجغرافيا وتاريخ متلاحم ودعم وإسناد و... ثم دور ومسؤولية مصرية في كل الأوقات والظروف تاريخياً، وحاضراً، وآنياً أيضاً.
هذا ما يجعل الخلاف مع مصر ترفاً لا نقبل به ولا نقدر عليه، ومحرم علينا الدخول في دروب تقود إليه.
وإذا ما كان من خلاف غير علني وغير معروف لقيادة "حماس" مع القيادة المصرية، وهو ما لا يتمناه او يقبله أي وطني، فمعالجته واجبة وممكنة تماماً، لكن لا يمكن ان تكون على شكل التخوف المشار إليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن زيارة وفد «حماس» إلى روسيا عن زيارة وفد «حماس» إلى روسيا



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca