المدرسة.. وأيام الشتاء الجميلة

الدار البيضاء اليوم  -

المدرسة وأيام الشتاء الجميلة

بقلم : سما حسن

يؤسفني أن أسمع عن الإعلان عن تعطيل الدوام المدرسي بسبب الأحوال الجوية، حيث تشتد البرودة وتهطل الأمطار، يؤسفني أن يتوقف التعليم في ظل هذه الأجواء ولو ليوم واحد، لأن العطلة من المدرسة بسبب الجو البارد والماطر هي خسارة للتلاميذ أولاً، ولأنه يزرع في نفوسهم روح التراخي، وينزع من قلوبهم روح المغامرة والتحدي والإصرار على التعليم رغم كل الظروف.تخيلوا وتذكروا معي كيف كنا نذهب إلى مدارسنا في ثمانينات القرن الماضي أو قبل ذلك بسنوات قليلة، وكيف تعلم آباؤنا وأمهاتنا في مدارس لم تكن مهيئةً ولا مجهزة للدراسة، وكان التلاميذ يغرقون مع المعلمين، ولكن رغم ذلك لم يكن أحد يتغيب عن المدرسة.

تذكروا وتخيلوا كيف كانت مدارس الأونروا في زمننا وقبل ذلك، حيث كانت في أوضاع أسوأ، وكانت الفصول مسقوفةً بالقرميد والذي كان يتهشم ويتساقط فوق رؤوسنا ولكننا كنا نتعلم.لا أدري أين هي المشكلة او أين هو الخلل؟ لماذا كنا نطير إلى المدارس في الصباح الباكر وماء المطر يغمرنا والشوارع موحلة وغير مرصوفة، وحيث كانت الباصات والسيارات قليلة، فقلةٌ من كانوا يصلون إلى مدارسهم بالسيارات أو الباصات، ولكننا اليوم نشتكي ونتذمر لو تأخر الباص على أولادنا او تعطلت سيارة الأب أو الأم واضطر الأبناء للذهاب راجلين إلى مدارسهم؟

لا ادري ولا أتخيل كيف تعلمنا في هذه الظروف وكنا نحب المدرسة، وكنا نتنقل من صف إلى صف لأن الصف الآخر كان صالح السقف، ولم نكن نغرق بماء المطر فتضطر المعلمة وبأمر من الناظرة ان تدمج فصلين في فصل واحد، تخيلوا ان يحتوي الفصل الواحد على مائة تلميذة صغيرة، ورغم ذلك كنا ننتبه ونركز ونقرأ ونكتب ونحل المسائل على السبورة ونستمتع مع المعلمة ونصغي لها ولا شيء يشغلنا عنها. لم نكن نعرف الدراسات العلمية الحديثة التي أكدت ان قدرة الانسان على التركيز تزداد في الأجواء الباردة، وأن ملامسة ماء المطر لجسم الإنسان يمنحه الطاقة الإيجابية ويزيد من نشاطه.

أيام الشتاء هي أيام جميلة يجب ألا نحبس فيها أولادنا بخوفنا عليهم، ولا ننتظر الإعلان عن إجازة من المدرسة، ولا ننتظر أن يتم تأجيل الدوام للموظفين، ولو كان التأجيل سيتم مع كل هطول للمطر معنى ذلك أن أياماً كثيرة ستفوت على الطلاب وعلى المراجعين للدوائر الحكومية، وسوف تتعطل مصالح الناس وأشغالهم.يجب ان نسأل عن حال الطلاب في بلاد الثلج، وهل يحصلون على إجازات من المدارس طيلة العام، وهل أجواء بلادنا الباردة تقاس بأجواء بلادهم، وحيث تنزل درجات الحرارة إلى أدنى من الصفر بدرجات بعيدة، في حين ان بلادنا لا تتجاوز الصفر إلا نادراً ولو بدرجة أو درجتين.

يجب ألا نعلم أولادنا الكسل، ولا نطلب منهم ان ينتظروا الإجازات لأن الإجازة بسبب البرد والمطر، يعني ان يتعلم الطفل منذ صغره التهرب من المسؤولية ومن العمل حين يصبح موظفاً، وسوف يمتهن التسويف والمماطلة ولن يحترم المواعيد ولا القوانين.أيام المطر الجميلة، تلك الأمسيات التي تجمع العائلة حول الموقد، يجب أن تجمع العائلة في الصباح وهي تتجه لأعمالها، فلا مجال للكسل وأمامنا العلم، ولا مجال للنوم وأمامنا أبواب المستقبل تنادينا وهي مشرعة للجد والاجتهاد.

نأسف أن يطالب الآباء والأمهات على مواقع التواصل الاجتماعي بالإجازات بدلاً من الأبناء، ويجب أن يحكوا لأطفالهم عن ذكرياتهم أيام الطفولة، وكيف كانوا يهرعون للعلم تحت المطر وهم لا يرتدون هذه الملابس الثقيلة والأحذية المصفحة، بل على العكس كانت ملابسنا بسيطة وأحذيتنا رخيصة الصنع، وحقائبنا حدِّث ولا حرج، فهي ليست مدعمة ولا جديدة، فالتلميذ المحظوظ من يظفر بحقيبة جديدة كل سنة ورغم ذلك فالجميع كان يحب المدرسة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة وأيام الشتاء الجميلة المدرسة وأيام الشتاء الجميلة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 11:42 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

بدء انطلاق الأسبوع الخاص بـ"الموضة للرجال" في باريس

GMT 13:35 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

معركة دموية بالأسلحة البيضاء تشعل مدينة طنجة

GMT 20:25 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائر تتجاوب مع الدعوة التي وجهها ملك المغرب محمد السادس

GMT 03:36 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة بولزانو الإيطالية تحتل قمة المدن الأفضل للعيش

GMT 18:56 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شاب يبتز فتاة بتصويرها عارية داخل حمام في الدار البيضاء

GMT 16:14 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

توقيف سيدة متزوجة في مدينة مراكش مع مسؤول قضائي

GMT 09:12 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

جينيفر لوبيز بإطلالة بينك فى شوارع بيفرلى هيلز

GMT 09:58 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

عزل نواز شريف من منصبه والحكم بسجنه 10 سنوات

GMT 03:27 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

اكتشاف حبوب منع حمل للذكور من الثقافة الأفريقية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca