بقلم : توفيق أبو شومر
مَن المسؤول عن أبشع الطقوس المنسوبة للنضال الفلسطيني، وهو طقس إشعال الإطارات المطاطية وسط التجمعات السكانية؟!
إن إشعال الإطارات المطاطية، وحقن دخانها السام في الأبدان جريمة في حق الصحة العامة، يتحمل مسؤوليتها كلُّ مَن يُشعلونها!
كان مُبرَّراً إشعالُها عند كثيرين في وجه دبابات وسيارات الاحتلال، عندما كان الجنود يُلاحقون المتظاهرين الفلسطينيين، أما بعد خروج الجيش من كثيرٍ من المدن، فإن إشعالها يُصبحُ طقساً خطيراً، ليس على صحتنا فقط، بل إنه يُشير إلى عجزنا عن إدارة النضال الفلسطيني، ذي التاريخ المجيد !
تابعتُ بعض أماكن الإشعال في احتجاجات أهل غزة على صفقة القرن، وجدتُ أن مشعلي الإطارات تعمدوا وضعها في أماكن الاكتظاظ، أمام الأبراج السكنية، وفي الشوارع المزدحمة، وكأنهم يقصدون أن يوزعوا سمومها على أجسادنا بخطة مُحكمة! بالإضافة إلى أنها تُخرِّب الشارع المرصوف!
من هو المسؤول عن تنفيذ طقس الإضرابات المعتاد، وإغلاق الشوارع والمحلات، وإجبار المواطنين، بل وتهديدهم بسطوة الحزب بأن يُغلقوا محلاتهم، هم لا يكتفون بجعل هذا الطقس إجبارياً على الجميع، بل ينفذون طقساً خطيراً، عندما يُفسدون اليوم المدرسي، يُخرجون الطلابَ من فصولهم، يعتدون على اليوم المدرسي المقدس، ليشاركوا حزباً من الأحزاب في طقسه المَرَضِي، العبثي، الخطير؟
من هو المسؤول عن طقس التجمهر وسط الشوارع وإغلاقها، وملئها بالقمامة وعربات الباعة الجائلين، لغرض إبراز جماهيرية حزبٍ من الأحزاب، ونيل الحُظوة عند مسؤول الحزب الأول، لينتشي بعد إلقاء خطابٍ مُكرَّرٍ، انتهى تاريخُ صلاحيته منذ زمن بعيد ؟!
من المسؤول عن استئجار الحافلات، وجلب النساء من بيوتهن بصحبة أطفالهن الرضع، لكي يُغذينَ المخزون الاستراتيجي من جماهير حزبٍ يعاني مِن جفاف وقحط مخزونه الشعبي الاستراتيجي منذ سنين، حتى يُقال بأنه حشد عدداً كبيراً من الأنصار والأتباع، كيداً في عيون المنافسين، وأنه كفءٌ لتولي قيادة عربة السياسة؟!!
أليس استغلال حاجات الناس إلى لقمة الخبز امتهاناً لإنسانيتهم، واعتداءً صارخاً على جوهر النضال الفلسطيني الشريف؟!!
إن التغرير بالجماهير، ولا سيما القاصرين هو أيضاً جريمة في حقِّ نضالنا العادل!
فما معنى أن يَمنح حزبٌ هؤلاء القاصرين شطيرة خبز، وعلبة عصير، نظير مشاركتهم، وحملهم الرايات، حتى بدون استشارة أولياء أمورهم؟!!
كيف يسكتُ المسؤولون، والمتنورون، ورجال القانون، وفخامة مديري مؤسسات حقوق الإنسان عن هذه الخطيئة التي تُمارسها بعض الأحزاب، عندما يربطون بين حاجة الفقراء إلى الطعام، وبين مشاركتهم في أنشطة الأحزاب حين يمنحون كلَّ امرأةٍ ورجلاً وشاباً يُشاركون في مسيرات ومظاهرات الحزب قسيمةً غذائية، كشرط لحضورهم؟!
أليس ذلك استغلالاً، وعبودية، وعبثاً بجوهر النضال، وانتهاكاً لحقوق الإنسان؟!!
عودوا إلى رشدكم، صححوا مسيرتكم النضالية، حاسبوا العابثين بالنضال، تأكدوا بأن العبثَ بالنضال الفلسطيني جريمةٌ كبرى، هي أحد أبرز أسباب نكباتنا!
أخيراً، أجبروا الأحزاب والتيارات أن تضع مسودة ميثاق شرف أخلاقي، يُلزم هذه الأحزاب بعدم اللجوء إلى الممارسات السابقة، وتجريم كل حزب يمارس تلك الطقوس السيئة!