بقلم : توفيق أبو شومر
اعتلى المصارعُ، ترامب حلبةَ البيت الأبيض، يوم 28-1-2020، كان يمسك بيده بطلَه المُدلَّل، نتنياهو. نظر إلى زبائن القاعة، استحثَّهم على التصفيق باستخدام أسلوب الحثّ المغناطيسي بتصفيقه الغريب، كأنه يقول لزبائن حلبة ترامب: «ليس مِنَّا كلُّ مَن لا يُصفق بحرارة».كان هذا بمثابة تسخين الزبائن، لهدف إثارتهم، لما سيأتي من مفاجآت متوالية، وفق تقليد حلبة مصارعة ترامب الرئيسة، قبل أن يُصبح رئيساً، تقع هذه القاعة في مدينة، ترامب بلازا في أتلانتيك!
أحسَّ ترامب بفتور التصفيقات، فاقترب من المايكروفون، وهو يرفع بيديه الاثنتين حزام البطولة المُرصَّع بخريطة الهيكل الثالث، والجولان، وغور الأردن، والكتل الاستيطانية، ثم علّق الحزام في سقف الحلبة!كان ترامب يعرف بأن حلبته ينقصها المنافس الفلسطيني، فقرر أن يُديرها بخصمٍ واحد فقط، لذلك تقمَّص دوريْنِ، البطل، وحكَم المباراة في الوقت نفسه!شرع أولاً في عرض تفاصيل المباراة للتشويق، بدأ بشكر مَنْ بنى حلبة المصارعة، صهرَه، جاريد كوشنر، ثم أثنى على مَن روَّج لها، جيسن غرنبلات، ثم أشار بيده إلى الحاوي، وفنان الإخراج، والإنتاج، وواضع الماكياج على الوجوه، وحامل الأصباغ، ومعد الطاولات الخشبية أسفل الحلبة، والكراسي المطاطية التي تُطوى، لاستخدامها في ضرب الخصوم، حتى السُّلم الموصل إلى حزام البطولة، ديفيد فردمان!
سدَّد حكَم المباراة ومديرُها للفلسطيني، وهو الخصم الغائب، الضربةَ الفنية الهوائية القاضية، عندما أعلن أن القدس الموحدة هي مُلك حصريٌ للبطل، صفق له جمهور الحلبة من الإنجيليين، بقيادة العرَّاب، نائب الرئيس، مايك بينس!بلغت الحماسة ذروتها في القاعة حينما استلَّ من جيبه قفازاً حديدياً، لَكَمَ بها صورةَ خيام اللاجئين الفلسطينيين، نظر إلى زبائنه المنومين، استحثَّهم على التصفيق.كان ترامب يُتابع مملوكَه المُدلَّل، بطلَ حلقة المصارعة الأوحد، نتنياهو، يُشجعه، يستحثه على أن يُصِّفق بحرارة، يهمس في أذنه، بأنه أخفى سلَّم الوصول لحزام البطولة، أسفل الحلبة، وأنه سيعلن في نهاية المباراة عن فوزه المُظفر بالضربة الفنية القاضية، لانسحاب الخصم من المباراة!!
كان وجه طفلِه المُدلل يبدو شاحباً، يرتجف من هول المفاجأة، يُحاول بفشلٍ أن يبدو قوياً، صلباً، لم تُفلح ابتساماتُ مالِك الحَلَبة، الخبير في فنون إثارة الجماهير، في إزالة علامات الرُّعب البادية على وجه بطله المُدلل، نتنياهو!
قرأ البطلُ المُدلل ما كُتب له من جملٍ ومفردات، قراءة آلية، كأنه ينتظر مَن يُنقذه من الحلبة، لأنه أحسَّ بعدم القدرة على الوصول إلى حزام البطولة، حتى بعد أن رفعَ الحكمُ، ترامب يدَ البطل المدلَّل مُعلناً فوزَه، صفَّق له كثيراًبفوزه على الخصم الغائب، غير أن بطله، نتنياهو استعجل الخطى، وما أن ابتعد عن باب الحلبة الرئيس حتى وبّخه ترامب قائلاً:لماذا لم تتسلق السلم، وتنزع حزام البطولة، أما زلتَ خائفاً من تُهم الفساد التي تنتظرك؟!
«الحياة كلُّها حَلَبةُ مصارعة»!!
خرج ترامب مباشرةً إلى مقر صندوق الحلبة المالي يُحصي أرباحه، ويجمع أصوات الناخبين، همس في أذنِ عرَّاب الحلبة، جاريد، زوج ابنته إيفانكا: جهِّز لنا الحَلبة للمصارعة التالية!أحسَّ ترامب بالكآبة، وهو يترك المكان لأنه لم يتمكن بماكينة الحلاقة، أن يحلق بها شعر مدينة القدس المرسَل، الطويل أمام زبائن الحلبة، لأن آلة الحلاقة لم تتمكن من قصِّ شعرةٍ واحدة من شعرها المرسل الجميل!!